﴿وكذلك﴾ أي: كما بينا ما ذكر ﴿نصرّف﴾ أي: نبيّن ﴿الآيات﴾ من حال إلى حال في المعاني المتنوّعة سالكين من وجوه البراهين بما يفوت القوى ويعجز القدر ليعتبروا ﴿وليقولوا﴾ اعتذاراً عند ظهور عجزهم ﴿دارست﴾ قرأ ابن كثير وأبو عمرو بألف بين الدال والراء أي: ذاكرت أهل الكتاب، والباقون بغير ألف أي: درست كتب الماضين وجئت بهذا منها، وقرأ ابن عامر بفتح السين وسكون التاء من الدروس أي: هذه الآيات التي تتلوها علينا قديمة قد درست وانمحت كقولهم: أساطير الأوّلين، وقيل: اللام فيه لام العاقبة أي: عاقبة أمرهم أن يقولوا: دارست أي: قرأت على غيرك، وقيل: قرأت كتب أهل الكتاب كقوله تعالى: ﴿فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّاً وحزناً﴾ (القصص، ٨)
﴿ولنبينه﴾ أي: الآيات وذكر الضمير لأنها في معنى القرآن كأنه قيل: وكذلك نصرّف القرآن أو القرآن وإن لم يجر له ذكر لكونه معلوماً أو إلى التبيين الذي هو مصدر الفعل كقولهم: ضربته زيداً ﴿لقوم يعلمون﴾ فإنهم المنتفعون به.
وقوله تعالى:
﴿اتبع﴾ خطاب للنبيّ ﷺ أي: اتبع يا محمد ﴿ما أوحي إليك﴾ أي: القرآن فالزم العمل به، ثم أكد مدحه بقوله: ﴿من ربك﴾ أي: المحسن إليك بهذا البيان، وقوله تعالى: ﴿لا إله إلا هو﴾ اعتراض أكد به إيجاب الاتباع لما في كلمة التوحيد من التمسك بحبل الله والاعتصام به والإعراض عما سواه، وقول البيضاوي: أو حال مؤكدة من ربك بمعنى منفرداً في الألوهية مبني على جواز تأكيد الجملة الفعلية بالإسمية وهو نادر ﴿وأعرض عن المشركين﴾ ولا تحتفل بأقوالهم ولا تلتفت إلى رأيهم، ومن جعله منسوخاً بآية السيف حمل الإعراض على ما يعمّ الكف عنهم.
(١٥/٢٣٧)


الصفحة التالية
Icon