روي أنّ قريشاً قالوا: يا محمد إنك تخبرنا أنّ موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فينفجر منه الماء اثنتي عشرة عيناً وتخبرنا أنّ عيسى كان يحيي الموتى فأتنا من الآيات حتى نصدقك فقال لهم رسول الله ﷺ «أي شيء تحبون؟» قالوا: تجعل لنا الصفا ذهباً وتبعث لنا بعض أمواتنا حتى نسأله عنك أحق ما تقول أم باطل؟ وأرنا الملائكة يشهدون لك فقال رسول الله ﷺ «إن فعلت بعض ما تقولون أتصدقونني؟» قالوا: نعم والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعين وسأل المسلمون رسول الله ﷺ أن ينزلها عليهم حتى يؤمنوا فقام رسول الله ﷺ يدعو الله أن يجعل الصفا ذهباً فجاء جبريل عليه السلام فقال: يا رسول الله لك ما شئت إن شئت أصبح ذهباً ولكن إن لم يصدقوا ليعذبنهم الله وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم، فقال رسول الله ﷺ «بل يتوب تائبهم» فنزلت، قال الله تعالى: ﴿قل﴾ لهم ﴿إنما الآيات عند الله﴾ ينزلها كيف يشاء وإنما أنا نذير ﴿وما يشعركم﴾ أي: وما يدريكم أيها المسلمون بإيمانهم إذا جاءت فإنهم كانوا يتمنون مجيء الآية طمعاً في إيمانهم أي: أنتم لا تدرون ذلك ﴿إنها إذا جاءت لا يؤمنون﴾ لما سبق في علمي.
وقرأ أبو عمرو بسكون الراء، وروي عن الدوري اختلاس الضم وكسر الهمزة من إنها ابن كثير وأبو عمرو على الابتداء وقالا: تم الكلام عند قوله تعالى: ﴿وما يشعركم﴾ والباقون بالفتح فهي بمعنى لعل وهو شائع في كلام العرب: ائت السوق أنك تشتري لنا شيئاً، بمعنى لعلك، ومنه قول عدي بن زيد:

*أعاذل ما يدريك أنّ منيتي إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد*
أي: لعل منيتي. وقرأ ابن عامر وحمزة: لا تؤمنون، بالتاء خطاباً للكفار، والباقون بالياء على الغيبة.
(١٥/٢٤٠)


الصفحة التالية
Icon