﴿ونقلب أفئدتهم﴾ أي: ونحوّل قلوبهم عن الحق فلا يفقهونه ﴿و﴾ نقلب ﴿أبصارهم﴾ عن الحق فلا يبصرونه فلا يؤمنون لأنّ الله تعالى إذا صرف القلوب والأبصار عن الإيمان بقيت على الكفر ﴿كما لم يؤمنوا به﴾ أي: بما أنزل من الآيات ﴿أوّل مرّة﴾ أي: التي جاء بها رسول الله ﷺ مثل انشقاق القمر وغيره من المعجزات الباهرات. وقيل: معجزات موسى وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كقوله تعالى: ﴿أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل﴾ (القصص، ٤٨).
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ المرّة الأولى دار الدنيا أي: لوردوا من الآخرة إلى الدنيا نقلب أفئدتهم وأبصارهم عن الإيمان كما لم يؤمنوا في الدنيا قبل مماتهم كما قال تعالى: ﴿ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه﴾ (الأنعام، ٢٨)
﴿ونذرهم﴾ أي: نتركهم ﴿في طغيانهم﴾ أي: ضلالهم ﴿يعمهون﴾ أي: يتردّدون متحيرين لا نهديهم هداية المتقين.
(١٥/٢٤١)
﴿ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى﴾ كما اقترحوا ﴿وحشرنا﴾ أي: جمعنا ﴿عليهم كل شيء قبلاً﴾ قرأ نافع وابن عامر بكسر القاف وفتح الباء أي: معاينة فشهدوا بصدقك، والباقون بضم القاف والباء جمع قبيل أي: فوجاً فوجاً ﴿ما كانوا ليؤمنوا﴾ لما سبق في علم الله، وقوله تعالى: ﴿إلا أن يشاء الله﴾ استثناء منقطع أي: لكن إن شاء الله إيمانهم فيؤمنون أو استثناءً من أعمّ الأحوال أي: لا يؤمنون في حال إلا حال مشيئة الله تعالى إيمانهم ﴿ولكن أكثرهم يجهلون﴾ أي: إنهم لو أتوا بكل آية لم يؤمنوا فيقسمون بالله جهد أيمانهم على ما لا يشعرون ولذلك أسند الجهل إلى أكثرهم لأنّ بعضهم معاند مع أنّ مطلق الجهل يعمهم فيشمل المعاند أو لكنّ أكثر المسلمون يجهلون أنهم لا يؤمنون فيتمنون نزول الآية طمعاً في إيمانهم.