﴿وتمت كلمات ربك﴾ أي: بلغت الغاية أخباره وأحكامه ومواعيده، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بغير ألف بين الميم والتاء، والباقون بالألف ﴿صدقاً﴾ في الأخبار والمواعيد لا يقدر أحد أن يبدي في شيء منها خدشاً بتخلف مّا عن مطابقة الواقع ﴿وعدلاً﴾ أي: في الأقضية والأحكام ونصبهما على التمييز ويحتمل الحال والمفعول له ﴿لا مبدل لكلماته﴾ بنقض أو خلف بل كل ما أخبرت به فهو كائن لا محالة رضي من رضي وسخط من سخط، وقيل: المراد بالكلمات القرآن لا مبدل له لا يزيد فيه المغيرون ولا ينقصون ﴿وهو السميع﴾ لكل ما يقال ﴿العليم﴾ بكل ما يفعل.
﴿وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله﴾ أي: دينه وأكثر أهل الأرض كانوا على الضلالة، وقيل: الأرض مكة وذلك أنّ المشركين جادلوا النبيّ ﷺ والمؤمنين في أكل الميتة فقالوا للمسلمين: إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله فكيف تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربكم؟ فنزلت، وقيل: لا تطعهم في اعتقاداتهم الفاسدة فإنك إن تطعهم يضلوك عن سبيل الله أي: يضلوك عن طريق الحق ومنهج الصدق ثم علل ذلك بقوله: ﴿إن﴾ أي: لأنهم ما ﴿يتبعون﴾ في مجادلتهم لك ﴿إلا الظنّ﴾ وهو ظنهم أن آباءهم كانوا على الحق ﴿وإن﴾ أي: ما ﴿هم إلا يخرصون﴾ أي: يكذبون على الله عز وجل فيما ينسبون إليه كاتخاذ الولد وجعل عبادة الأوثان وصلة إليه وتحليل الميتة وتحريم البحائر ونحو ذلك.F
﴿إنّ ربك هو﴾ أي: لا غيره ﴿أعلم﴾ أي: عالم ﴿من يضل عن سبيله وهو﴾ أي: لا غيره ﴿أعلم﴾ أي: عالم ﴿بالمهتدين﴾ فيجازي كلاً منهم بما يستحقه.
وقوله تعالى:
(١٥/٢٤٦)


الصفحة التالية
Icon