﴿أو من كان ميتاً﴾ أي: بالكفر ﴿فأحييناه﴾ أي: بالإيمان وإنما جعل الكفر موتاً لأنه جعل الإيمان حياة لأنّ الحي صاحب بصر يهتدي به إلى رشده، ولما كان الإيمان يهدي إلى الفوز العظيم والحياة الأبدية شبه بالحياة، وقرأ نافع بتشديد الياء والباقون بالتخفيف ﴿وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس﴾ أي: يتبصر به الحق من غيره وهو الإيمان، وقال قتادة: هو كتاب الله القرآن بينة من الله مع المؤمن بها يعمل وبها يأخذ وإليها ينتهي ﴿كمن مثله﴾ أي: كمن هو ﴿في الظلمات﴾ فمثل زائدة ﴿ليس بخارج منها﴾ وهو الكافر أي: ليس مثله. نزلت هذه الآية في حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه وأبي جهل بن هشام وذلك إنّ أبا جهل رمى رسول الله ﷺ بفرث فأخبر حمزة بما فعل أبو جهل وهو راجع من قنصه وبيده قوس وحمزة لم يؤمن بعد فأقبل غضبان حتى علا أبا جهل بالقوس وهو يقول: يا أبا يعلى ما ترى ما جاء به سفه عقولنا وسفه آلهتنا وخالف آباءنا، فقال حمزة: ومن أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمداً رسول الله، وقيل: في عمر بن الخطاب أو عمار بن ياسر وأبي جهل. ﴿كذلك﴾ أي: كما زين للمؤمنين إيمانهم ﴿زين للكافرين ما كانوا يعملون﴾ أي: من الكفر والمعاصي، قال أهل السنة: المزين هو الله تعالى ويدل عليه قوله تعالى: زينا لهم أعمالهم وقالت المعتزلة: المزين هو الشيطان وردّ بالآية المذكورة.
﴿وكذلك﴾ أي: كما جعلنا فساق أهل مكة أكابرها ﴿جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها﴾ أي: عظماءها، وأكابر جمع أكبر كأفضل وأفاضل وأسود وأساود وذلك سنة الله تعالى أنه جعل في كل قرية أتباع الرسل ضعفاءهم كما قال في قصة نوح: ﴿أنؤمن لك واتبعك الأرذلون﴾ (الشعراء، ١١١)
(١٥/٢٥٠)


الصفحة التالية
Icon