روي عن ابن عباس في تفسيرها: هو أنّ الله تعالى إذا أراد بقوم خيراً ولى أمرهم خيارهم وإذا أراد بقوم شراً ولى أمرهم شرارهم ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كانوا يكسبون﴾ من الكفر والمعاصي.
﴿يا معشر الجنّ والإنس ألم يأتكم رسل منكم﴾ أي: من مجموعكم وهم الإنس إذ الرسل منهم خاصة ولكن لما جمع الجنّ مع الإنس في الخطاب صح ذلك ونظيره قوله تعالى: ﴿يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان﴾ (الرحمن، ٢٢)
فإنّ ذلك يخرج من الملح دون العذب أو إن رسل الجنّ نذرهم الذين يسمعون كلام الرسول فيبلغون قومهم كما قال تعالى: ﴿وإذ صرفنا إليك نفراً من الجنّ﴾ (الأحقاف، ٢٩)
الآية وتعلق بظاهر الآية قوم فقالوا: بعث إلى كل من الثقلين رسل من جنسهم ﴿يقصون عليكم آياتي﴾ أي: يخبرون بما أوحي إليهم من آياتي الدالة على توحيدي وتصديق رسلي ﴿وينذرونكم لقاء يومكم هذا﴾ أي: ويحذرونكم لقاء عذابي في يومكم هذا وهو يوم القيامة ﴿قالوا شهدنا على أنفسنا﴾ أي: اعترفوا بأنّ الرسل قد أتتهم وبلغتهم رسالات ربهم وأنذرتهم لقاء يومهم هذا وإنهم كذبوا الرسل ولم يؤمنوا بهم وذلك حين شهدت عليهم جوارحهم بالشرك والكفر قال الله تعالى: ﴿وغرّتهم الحياة الدنيا﴾ أي: إنما كان ذلك بسبب أنهم غرّتهم الحياة الدنيا ومالوا إليها ﴿وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين﴾ أي: في الدنيا.
فإن قيل: كيف أقروا على أنفسهم بالكفر في هذه الآية وجحدوا في آية أخرى وهي قولهم: ﴿وا ربنا ما كنا مشركين﴾ (الأنعام، ٢٣)
؟ أجيب: بتفاوت الأحوال والمواطن في ذلك اليوم المتطاول فيقرون في بعضها ويجحدون في بعض آخر.
(١٥/٢٥٥)