﴿وإنّ هذا﴾ الذي وصيتكم به ﴿صراطي مستقيماً﴾ والإشارة فيه إلى ما ذكر في السورة فإنها بأسرها في إثبات التوحيد والنبوّة وبيان الشريعة، وقرأ ابن عامر بتخفيف النون والباقون بالتشديد، وكسر الهمزة حمزة والكسائي على الاستئناف وفتحها الباقون على تقدير اللام، وفتح الياء من صراطي ابن عامر وسكنها الباقون، وتقدّم مذهب قنبل في الصراط بالسين ومذهب خلف في إشمام الصاد ﴿فاتبعوه﴾ أي: بغاية جهدكم لأنه الجامع للعباد على الحق الذي فيه كل خير ﴿ولا تتبعوا السبل﴾ أي: الطرق المخالفة لدين الإسلام ﴿فتفرّق﴾ فيه حذف إحدى التاءين أي: فتميل ﴿بكم﴾ أي: هذه الطرق المضلة ﴿عن سبيله﴾ أي: طريقه التي ارتضاها لعباده وبها أوصى ﴿ذلكم﴾ أي: الأمر العظيم من اتباعه ﴿وصاكم به لعلكم تتقون﴾ الضلال والتفرق عن الحق.
(١٥/٢٧٩)
روي «أنه ﷺ خط خطاً» ثم قال: «هذا سبيل الله» ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله وقال: «هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وقرأ: ﴿وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه﴾».
﴿ثم آتينا موسى الكتاب﴾ أي: التوراة.
فإن قيل: ثم للترتيب وإيتاء موسى الكتاب كان قبل مجيء القرآن أجيب: بأنّ ثم لترتيب الإخبار أي: ثم أخبركم أنا آتينا موسى الكتاب فدخل ثم لترتيب الخبر لا لتأخير النزول، وقوله تعالى: ﴿تماماً﴾ حال أي: لم ينقص الكتاب عما يصلحهم شيئاً ﴿على﴾ الوجه ﴿الذي أحسن﴾ أي: أتى بالإحسان فأثبت الحسن وجمعه بما بين من الشرع وبما حمى طوائف أهل الأرض به من الإهلاك العام.


الصفحة التالية
Icon