وذهب بنور المستوقد
ووجه آخر وهو أن يكون المستوقد في هذا الوجه مستوقد نار لا يرضاها الله
ثم إما أن تكون نارا مجازية كنار الفتنة والعداوة للإسلام وتلك النار متقاصرة مدة اشتعالها قليلة البقاء
الا ترى إلى قوله
! ٢ < كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله > ٢ ! المائدة ٦٤ وإما نارا حقيقية أوقدها الغواة ليتوصلوا بالاستضاءة بها الى بعض المعاصي ويتهدوا بها في طرق العبث فأطفأها الله وخيب امانيهم
فإن قلت كيف صح في النار المجازية ان توصف بإضاءة ما حول المستوقد قلت هو خارج على طريقة المجاز المرشح فأحسن تدبره
فإن قلت هلا قيل ذهب الله بضوئهم لقوله
! ٢ < فلما أضاءت > ٢ !
قلت ذكر النور أبلغ لأن الضوء فيه دلالة على الزيادة
فلو قيل ذهب الله بضوئهم لأوهم الذهاب بالزيادة وبقاء ما يسمى نورا والغرض إزالة النور عنهم رأسا وطمسه أصلا
ألا ترى كيف ذكر عقيبه
! ٢ < وتركهم في ظلمات > ٢ !
والظلمة عبارة عن عدم النور وانطماسه وكيف جمعها وكيف نكرها وكيف اتبعها ما يدل على انها ظلمة مبهمة لا يتراءى فيها شبحان وهو قوله
! ٢ < لا يبصرون > ٢ !
فإن قلت فلم وصفت بالإضاءة قلت هذا على مذهب قولهم للباطل صولة ثم يضمحل ولريح الضلالة عصفة ثم تخفت ونار العرفج مثل لنزوة كل طماح
والفرق بين اذهبه وذهب به ان معنى أذهبه ازاله وجعله ذاهبا
ويقال ذهب به اذا استصحبه ومضى به معه
وذهب السلطان بماله اخذه فلما ذهبوا به
^ اذا لذهب كل إلاه بما خلق ^ المؤمنون ٩١
ومنه ذهب به الخيلاء والمعنى أخذ الله نورهم وامسكه
! ٢ < وما يمسك فلا مرسل له > ٢ ! فاطر ٢ فهو أبلغ من الإذهاب
وقرأ اليماني أذهب الله نورهم وترك بمعنى طرح وخلى اذا علق بواحد كقولهم تركه ترك ظبي ظله فإذا علق بشيئين كان مضمنا معنى صير فيجرى مجرى أفعال القلوب كقول عنترة
( فتركته جزر السباع ينشنه % )
ومنه قوله
! ٢ < وتركهم في ظلمات > ٢ !
أصله هم في ظلمات ثم دخل ترك فنصب الجزأين
والظلمة عدم النور وقيل عرض ينافي النور واشتقاقها من قولهم ما ظلمك ان تفعل كذا أي ما منعك وشغلك لأنها تسد البصر وتمنع الرؤية
وقرأ الحسن ( ظلمات ) بسكون اللام وقرأ اليماني ( في ظلمة ) على التوحيد
والمفعول الساقط من
! ٢ < لا يبصرون > ٢ !

__________


الصفحة التالية
Icon