من قبيل المتروك المطرح الذي لا يلتفت الى إخطاره بالبال لا من قبيل المقدر المنوى كأن الفعل غير متعد أصلا نحو
! ٢ < يعمهون > ٢ ! في قوله
! ٢ < ويذرهم في طغيانهم > ٢ ! الأعراف ١٨٦
فإن قلت فيم شبهت حالهم بحال المستوقد قلت في انهم غب الاضاءة خبطوا في ظلمة وتورطوا في حيرة
فإن قلت وأين الإضاءة في حال المنافق وهل هو أبدا الا حائر خابط في ظلماء الكفر قلت المراد ما استضاءوا به قليلا من الانتفاع بالكلمة المجرأة على ألسنتهم ووراء استضاءتهم بنور هذه الكلمة ظلمة النفاق التي ترمي بهم الى ظلمة سخط الله وظلمة العقاب السرمد
ويجوز ان يشبه بذهاب الله بنور المستوقد اطلاع الله على أسرارهم وما افتضحوا به بين المؤمنين واتسموا به من سمة النفاق
والأوجه ان يراد الطبع لقوله
! ٢ < صم بكم عمي > ٢ !
وفي الآية تفسير آخر وهو انهم لما وصفوا بأنهم اشتروا الضلالة بالهدى عقب ذلك بهذا التمثيل ليمثل هداهم الذي باعوه بالنار المضيئة ما حول المستوقد والضلالة التي اشتروها وطبع بها على قلوبهم بذهاب الله بنورهم وتركه إياهم في الظلمات
وتنكير النار للتعظيم كانت حواسهم سليمة ولكن لما سدوا عن الإصاخة إلى الحق مسامعهم وأبوا ان ينطقوا به ألسنتهم وان ينظروا ويتبصروا بعيونهم جعلوا كانما أيفت مشاعرهم وانتقضت بناها التى بنيت عليها للإحساس والإدراك كقوله
( صم اذا سمعوا خيرا ذكرت به % وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا )
( أصم عما ساءه سميع )
( أصم عن الشيءا الذي لاأريده % وأسمع خلق الله حين أريد )
( فاصممت عمرا واعميته % عن الجود والفخر يوم الفخار )
فإن قلت كيف طريقته عند علماء البيان قلت طريقة قولهم هم ليوث للشجعان وبحور للأسخياء
الا ان هذا في الصفات وذاك في الأسماء وقد جاءت الاستعارة في الأسماء والصفات والأفعال جميعا
تقول رأيت ليوثا ولقيت صما عن الخير ودجا الإسلام وأضاء الحق فإن قلت هل يسمى ما في الآية استعارة قلت مختلف فيه والمحققون على تسميته تشبيها بليغا لا استعارة لأن المستعار له مذكور وهم المنافقون
والاستعارة إنما تطلق حيث يطوى ذكر المستعار له ويجعل الكلام خلوا عنه صالحا لأن يراد به المنقول عنه والمنقول اليه لولا دلالة الحال او فحوى الكلام كقول زهير

__________


الصفحة التالية
Icon