( أذاك ام نمش بالوشي أكرعه % )
( أذاك ام خاضب بالسي مرتعه % )
فإن قلت قد شبه المنافق في التمثيل الأول بالمستوقد نارا وإظهاره الإيمان بالإضاءة وانقطاع انتفاعه بانطفاء النار فما ذا شبه في التمثيل الثاني بالصيب وبالظلمات وبالرعد وبالبرق وبالصواعق قلت لقائل ان يقول شبه دين الإسلام بالصيب لأن القلوب تحيا به حياة الأرض بالمطر
وما يتعلق به من شبه الكفار بالظلمات
وما فيه من الوعد والوعيد بالرعد والبرق
وما يصيب الكفرة من الإفزاع والبلايا والفتن من جهة أهل الإسلام بالصواعق
والمعنى أو كمثل ذوي صيب والمراد كمثل قوم أخذتهم السماء على هذه الصفة فلقوا منها ما لقوا
فإن قلت هذا تشبيه أشياء بأشياء فأين ذكر المشبهات وهلا صرح به كما في قوله
^ وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء ^ غافر ٥٨ وفي قول امرىء القيس
( كأن قلوب الطير رطبا ويابسا % لدى وكرها العناب والحشف البالي )
قلت كما جاء ذلك صريحا فقد جاء مطويا ذكره على سنن الاستعارة كقوله تعالى
! ٢ < وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج > ٢ ! فاطر ١٢
! ٢ < ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل > ٢ ! الزمر ٣٩ والصحيح الذي عليه علماء البيان لا يتخطونه ان التمثيلين جميعا من جملة التمثيلات المركبة دون المفرقة لا يتكلف الواحد واحد شيء يقدر شبهه به وهو القول الفحل والمذهب الجزل بيانه ان العرب تأخذ أشياء فرادى معزولا بعضها من بعض لم يأخذ هذا بحجزة ذاك فتشبهها بنظائرها كما فعل امرؤ القيس وجاء في القرآن وتشبه كيفية حاصلة من مجموع أشياء قد تضامت وتلاصقت حتى عادت شيئا واحدا بأخرى مثلها كقوله تعالى
! ٢ < مثل الذين حملوا التوراة > ٢ ! الجمعة ٥ الآية
الغرض تشبيه حال اليهود في جهلها بما معها من التوراة وآياتها الباهرة بحال الحمار في جهله بما يحمل من أسفار الحكمة وتساوي الحالتين عنده من حمل أسفار الحكمة وحمل ما سواها من

__________


الصفحة التالية
Icon