وتنكير صيب لأنه أريد نوع من المطر شديد هائل
كما نكرت النار في التمثيل الأول وقرىء كصائب والصيب أبلغ والسماء هذه المظلة
وعن الحسن انها موج مكفوف فإن قلت قوله
! ٢ < من السماء > ٢ ! ما الفائدة في ذكره والصيب لا يكون الا من السماء
قلت الفائدة فيه انه جاء بالسماء معرفة فنفي ان يتصوب من سماء أي من أفق واحد من بين سائر الآفاق لأن كل أفق من آفاقها سماء كما أن كل طبقة من الطباق سماء في قوله
! ٢ < وأوحى في كل سماء أمرها > ٢ ! فصلت ١٢
الدليل عليه قوله
( ومن بعد أرض بيننا وسماء % )
والمعنى انه غمام مطبق آخذ بآفاق السماء كما جاء بصيب
وفيه مبالغات من جهة التركيب والبناء والتنكير
أمد ذلك بان جعله مطبقا وفيه ان السحاب من السماء ينحدر ومنها يأخذ ماءه لا كزعم من يزعم انه يأخذه من البحر ويؤيده قوله تعالى
! ٢ < وينزل من السماء من جبال فيها من برد > ٢ ! النور ٤٣ فإن قلت بم ارتفع ظلمات قلت بالظرف على الاتفاق لاعتماده على موصوف
والرعد الصوت الذي يسمع من السحاب كأن أجرام السحاب تضطرب وتنتقض اذا حدتها الريح فتصوت عند ذلك من الارتعاد
والبرق الذي يلمع من السحاب من برق الشيء بريقا اذا لمع
فإن قلت قد جعل الصيب مكانا للظلمات فلا يخلو من ان يراد به السحاب او المطر فأيهما أريد فما ظلماته قلت اما ظلمات السحاب فاذا كان أسحم مطبقا فظلمتا سجمته وتطبيقه مضمومة اليهما ظلمة الليل
واما ظلمات المطر فظلمة تكاثفه وانتساجه بتتابع القطر وظلمة إظلال غمامه مع ظلمة الليل
فإن قلت كيف يكون المطر مكانا للبرق والرعد وإنما مكانهما السحاب قلت إذا كانا في أعلاه ومصبه وملتبسين في الجملة فهما فيه
ألا تراك تقول فلان في البلد وما هو منه الا في حيز يشغله جرمه فإن قلت هلا جمع الرعد والبرق أخذا بالأبلغ كقول البحتري
( يا عارضا متلفعا ببروده % يختال بين بروقه ورعوده )
وكما قيل ظلمات قلت فيه وجهان احدهما ان يراد العينان ولكنهما لما كانا مصدرين في الأصل يقال رعدت السماء رعدا وبرقت برقا روعى حكم أصلهما بأن

__________


الصفحة التالية
Icon