على حقيقته وسره وامتياز حقه من باطله قال لهم فإذا لم تعارضوه ولم يتسهل لكم ما تبغون وبان لكم انه معجوز عنه فقد صرح الحق عن محضه ووجب التصديق فآمنوا وخافوا العذاب المعد لمن كذب
وفيه دليلان على إثبات النبوة صحة كون المتحدي به معجزا والإخبار بأنهم لن يفعلوا وهو غيب لا يعلمه الا الله
فإن قلت انتفاء اتيانهم بالسورة واجب فهلا جيء ب اذا ) الذي للوجوب دون ( إن ) الذي للشك
قلت فيه وجهان احدهما ان يساق القول معهم على حسب حسبانهم وطمعهم وان العجز عن المعارضة كان قبل التامل كالمشكوك فيه لديهم لاتكالهم على فصاحتهم واقتدارهم على الكلام
والثاني ان يتهكم بهم كما يقول الموصوف بالقوة الواثق من نفسه بالغلبة على من يقاويه إن غلبتك لم أبق عليك وهو يعلم انه غالبه ويتيقنه تهكما به
فإن قلت لم عبر عن الإتيان بالفعل وأي فائدة في تركه اليه قلت لأنه فعل من الأفعال تقول أتيت فلانا فيقال لك نعم ما فعلت
والفائدة فيه انه جار مجري الكناية التي تعطيك اختصارا ووجازة تغنيك عن طول المكنى عنه
ألا ترى ان الرجل يقول ضربت زيدا في موضع كذا على صفة كذا وشتمته ونكلت به ويعد كيفيات وأفعالا فتقول بئسما فعلت ولو ذكرت ما أنبته عنه لطال عليك وكذلك لو لم يعدل عن لفظ الإتيان الى لفظ الفعل لاستطيل ان يقال فإن لم تأتوا بسورة من مثله
ولن تأتوا بسورة من مثله
فإن قلت
( ولن تفعلوا )
ما محلها قلت لا محل لها لأنها جملة اعتراضية
فإن قلت ما حقيقة لن في باب النفي قلت لا ولن أختان في نفي المستقبل الا ان في لن توكيدا وتشديدا تقول لصاحبك لا أقيم غدا فإن انكر عليك قلت لن أقيم غدا كما تفعل في انا مقيم وإني مقيم وهي عند الخليل في إحدى الروايتين عنه أصلها لا أن وعند الفراء لا أبدلت ألفها نونا
وعند سيبويه واحدى الروايتين عن الخليل حرف مقتضب لتأكيد نفي المستقبل فإن قلت من أين لك انه إخبار بالغيب على ما هو به حتى يكون معجزة قلت لأنهم لو عارضوه بشيء لم يمتنع ان يتواصفه الناس ويتناقلوه اذ خفاء مثله فيما عليه مبنى العادة محال لا سيما والطاعنون فيه اكثف عددا من الذابين عنه فحين لم ينقل علم انه إخبار بالغيب على ما هو به فكان معجزة
فإن قلت ما معنى اشتراطه في اتقاء النار انتفاء اتيانهم بسورة من مثله قلت إنهم اذا لم يأتوا بها وتبين عجزهم عن المعارضة صح عندهم صدق رسول الله ﷺ واذا صح عندهم صدقه ثم لزموا العناد ولم ينقادوا ولم يشايعوا استوجبوا العقاب بالنار فقيل لهم إن استبتم العجز فاتركوا العناد فوضع
! ٢ < فاتقوا النار > ٢ !
موضعه لأن اتقاء النار لصيقة وضميمه ترك العناد من حيث انه من نتائجه لأن من اتقى النار ترك المعاندة