هذا يصح ان يراد بالثمرة النوع من الثمار والجنات الواحدة فإن قلت كيف قيل
! ٢ < هذا الذي رزقنا من قبل > ٢ !
وكيف تكون ذات الحاضر عندهم في الجنة هي ذات الذي رزقوه في الدنيا قلت معناه هذا مثل الذي رزقناه من قبل
وشبهه بدليل قوله وأتوا به متشابها وهذا كقولك أبو يوسف أبو حنيفة تريد انه لاستحكام الشبه كأن ذاته ذاته
فإن قلت الام يرجع الضمير في قوله
! ٢ < وأتوا به > ٢ !
قلت الى المرزوق في الدنيا والآخرة جميعا لأن قوله
! ٢ < هذا الذي رزقنا من قبل > ٢ !
انطوى تحته ذكر ما رزقوه في الدارين
ونظيره قوله تعالى
! ٢ < إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما > ٢ ! النساء ١٣٥ أي بجنسي الغني والفقير لدلالة قوله غنيا او فقيرا على الجنسين
ولو رجع الضمير الى المتكلم به لقيل اولى به على التوحيد
فإن قلت لأي غرض يتشابه ثمر الدنيا وثمر الجنة وما بال ثمر الجنة لم يكن اجناسا أخر قلت لأن الإنسان بالمألوف آنس وإلى المعهود اميل واذا رأى ما لم يألفه نفر عنه طبعه وعافته نفسه ولأنه اذا ظفر بشيء من جنس ما سلف له به عهد وتقدم معه الف وراى فيه مزية ظاهرة وفضيلة بينة وتفاوتا بينه وبين ما عهد بليغا أفرط ابتهاجه واغتباطه وطال استعجابه واستغرابه وتبين كنه النعمة فيه وتحقق مقدار الغبطة به
ولو كان جنسا لم يعهده وإن كان فائقا حسب ان ذلك الجنس لا يكون الا كذلك فلا يتبين موقع النعمة حق التبين
فحين أبصروا الرمانة من رمان الدنيا ومبلغها في الحجم وان الكبرى لا تفضل عن حد البطيخة الصغيرة ثم يبصرون رمانة الجنة تشبع السكن
والنبقة من نبق الدنيا في حجم الفلكة ثم يرون نبق الجنة كقلال هجر كما راوا ظل الشجرة من شجر الدنيا وقدر امتداده ثم يرون الشجرة في الجنة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعه كان ذلك أبين للفضل واظهر للمزية واجلب للسرور وازيد في التعجب من ان يفاجئوا ذلك الرمان وذلك النبق من غير عهد سابق بجنسهما
وترديدهم هذا القول ونطقهم به عند كل ثمرة يرزقونها دليل على تناهي الأمر وتمادي الحال في ظهور المزية وتمام الفضيلة وعلى ان ذلك التفاوت العظم هو الذي يستملي تعجبهم ويستدعي تبجحهم في كل اوان
عن مسروق ( نخل الجنة نضيد من أصلها الى فرعها وثمرها امثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت

__________


الصفحة التالية
Icon