٣٣ يا رسول الله إن بيننا وبين القوم حبالا ونحن قاطعوها
فنخشى إن الله عز وجل أعزك وأظهرك ان ترجع الى قومك
(١)
وهذا من اسرار البلاغة ولطائفها ان يسكتوا عن ذكر الشيء المستعار ثم يرمزوا اليه بذكر شيء من روادفه فينبهوا بتلك الرمزة على مكانه
ونحوه قولك شجاع يفترس أقرانه وعالم يغترف منه الناس واذا تزوجت امرأة فاستوثرها
لم تقل هذا الا وقد نبهت على الشجاع والعالم بأنهما أسد وبحر وعلى المرأة بأنها فراش
والعهد الموثق وعهد اليه في كذا اذا وصاه به ووثقه عليه
واستعهد منه إذا اشترط عليه واستوثق منه والمراد بهؤلاء الناقضين لعهد الله أحبار اليهود المتعنتون او منافقوهم او الكفار جميعا
فإن قلت فما المراد بعهد الله قلت ما ركز في عقولهم من الحجة على التوحيد كأنه امر وصاهم به ووثقه عليهم وهو معنى قوله تعالى
! ٢ < وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى > ٢ ! الأعراف ١١٢ أو أخذ الميثاق عليهم بأنهم إذا بعث إليهم رسول يصدقه الله بمعجزاته صدقوه وإتبعوه ولم يكتموا ذكره فيما تقدمه من الكتب المنزلة عليهم كقوله
! ٢ < وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم > ٢ ! البقرة ٤٠
وقوله في الإنجيل لعيسى صلوات الله عليه ( سأنزل عليك كتابا فيه نبأ بني إسرائيل وما أريته أياهم من الآيات وما انعمت عليهم وما نقضوا من ميثاقهم الذي واثقوا به وما ضيعوا من عهده اليهم ) وحسن صنعه للذين قاموا بمثياق الله تعالى وأوفوا بعهده ونصره اياهم وكيف انزل بأسه ونقمته بالذين غدروا ونقضوا ميثاقهم ولم يوفوا بعهده لأن اليهود فعلوا باسم عيسى ما فعلوا باسم محمد ﷺ من التحريف والجحود وكفروا به كما كفروا بمحمد ﷺ وقيل هو اخذ الله العهد عليهم أن لا يسفكوا دماءهم ولا يبغي بعضهم على بعض ولا يقطعوا أرحامهم
وقيل عهد الله الى خلقه ثلاثة عهود العهد الأول الذي أخذه على جميع ذرية آدم الإقرار بربوبيته وهو قوله تعالى
^ وإذا أخذ ربك ^ الأعراف ١٧٢ وعهد خص به النبيين ان يبلغوا الرسالة ويقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه وهو قوله تعالى
! ٢ < وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم > ٢ ! الأحزاب ٧

__________
١-


الصفحة التالية
Icon