وقرأ أبو حية النميري ( يؤقنون ) بالهمز جعل الضمة في جار الواو كأنها فيه فقلبها قلب واو وجوه ووقتت ونحوه
( لحب المؤقدان الي مؤسى % وجعدة اذ أضاءهما الوقود )
أولائك على هدى من ربهم وأولائك هم المفلحون < < البقرة :( ٥ ) أولئك على هدى..... > > أولائك على هدى ^
الجملة في محل الرفع ان كان الذين يؤمنون بالغيب مبتدأ والا فلا محل لها
ونظم الكلام على الوجهين أنك اذا نويت الابتداء بالذين يؤمنون بالغيب
فقد ذهبت به مذهب الاستئناف وذلك انه لما قيل
^ هدى للمتقين ^
واختص المتقون بان الكتاب لهم هدى اتجه لسائل ان يسأل فيقول ما بال المتقين مخصوصين بذلك فوقع قوله الذين يؤمنون بالغيب إلى ساقته كأنه جواب لهذا السؤال المقدر وجيء بصفة المتقين المنطوية تحتها خصائصهم التي استوجبوا بها من الله ان يلطف بهم ويفعل بهم ما لا يفعل بمن ليسوا على صفتهم أي الذين هؤلاء عقائدهم وأعمالهم أحقاء بأن يهديهم الله ويعطيهم الفلاح
ونظيره قولك احب رسول الله ﷺ الأنصار الذين قارعوا دونه وكشفوا الكرب عن وجهه أولئك اهل للمحبة
وإن جعلته تابعا للمتقين وقع الاستئناف على اولئك كانه قيل ما للمستقلين بهذه الصفات قد اختصوا بالهدى فأجيب بان اولئك الموصوفين غير مستبعد ان يفوزوا دون الناس بالهدى عاجلا وبالفلاح آجلا
واعلم ان هذا النوع من الاستئناف يجيء تارة باعادة إسم من استؤنف عنه الحديث كقولك قد أحسنت إلى زيد زيد حقيق بالإحسان وتارة بإعادة صفته كقولك أحسنت الى زيد صديقك القديم أهل لذلك منك فيكون الاستئناف بإعادة الصفة احسن وأبلغ لانطوائها على بيان الموجب وتلخيصه
فإن قلت هل يجوز ان يجري الموصول الأول على المتقين وأن يرتفع الثاني على الابتداء واولئك خبره قلت نعم على ان يجعل اختصاصهم بالهدى والفلاح تعريضا بأهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بنبوة رسول الله ﷺ وهم ظانون انهم على الهدى وطامعون انهم ينالون الفلاح عند الله
وفي اسم الاشارة الذي هو
^ أولئك ^
ايذان بأن ما يرد عقيبه فالمذكورون قبله أهل لاكتسابه من اجل الخصال التى عددت لهم كما قال حاتم ولله صعلوك ثم عدد له خصالا فاضلة ثم عقب تعديدها بقوله

__________


الصفحة التالية
Icon