ومعنى التعريف في
! ٢ < المفلحون > ٢ !
الدلالة على أن المتقين هم الناس الذين عنهم بلغك أنهم يفلحون في الآخرة كما اذا بلغك أن انسانا قد تاب من اهل بلدك فاستخبرت من هو فقيل زيد التائب أي هو الذي أخبرت بتوبته
أو على انهم الذين ان حصلت صفة المفلحين وتحققوا ما هم وتصوروا بصورتهم الحقيقية فهم هم لا يعدون تلك الحقيقة
كما تقول لصاحبك هل عرفت الأسد وما جبل عليه من فرط الإقدام إن زيدا هو هو
فانظر كيف كرر الله عز وجل التنبيه على اختصاص المتقين بنيل ما لا يناله أحد على طرق شتى وهي ذكر إسم الإشارة وتكريره وتعريف المفلحين وتوسيط الفصل بينه وبين اولئك ليبصرك مراتبهم ويرغبك في طلب ما طلبوا وينشطك لتقديم ما قدموا ويثبطك عن الطمع الفارغ والرجاء الكاذب والتمني على الله ما لا تقتضيه حكمته ولم تسبق به كلمته
اللهم زينا بلباس التقوى واحشرنا في زمرة من صدرت بذكرهم سورة البقرة
والمفلح الفائز بالبغية كانه الذي انفتحت له وجوه الظفر ولم تستغلق عليه والمفلج بالجيم مثله
ومنه قولهم للمطلقة استفلحي بأمرك بالحاء والجيم والتركيب دال على معنى الشق والفتح وكذلك أخواته في الفاء والعين نحو فلق وفلذ وفلى
إن الذين كفروا سوآء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ٦
< < البقرة :( ٦ ) إن الذين كفروا..... > > لما قدم ذكر اوليائه وخالصة عباده بصفاتهم التي اهلتهم لاصابة الزلفى عنده وبين ان الكتاب هدى ولطف لهم خاصة قفى على أثره بذكر أضدادهم وهم العتاة المردة من الكفار الذين لا ينفع فيهم الهدى ولا يجدي عليهم اللطف وسواء عليهم وجود الكتاب وعدمه وإنذار الرسول وسكوته
فإن قلت لم قطعت قصة الكفار عن قصة المؤمنين ولم تعطف كنحو قوله
! ٢ < إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم > ٢ ! الانفطار ١٤ - ١٥ وغيره من الآي الكثيرة قلت ليس وزان هاتين القصتين وزان ما ذكرت لأن الأولى فيما نحن فيه مسوقة لذكر الكتاب وأنه هدى للمتقين وسيقت الثانية لأن الكفار من صفتهم كيت وكيت فبين الجملتين تباين في الغرض والأسلوب وهما على حد لا مجال فيه للعاطف
فإن قلت هذا اذا زعمت ان الذين يؤمنون جار على المتقين فأما اذا ابتدأته وبنيت الكلام لصفة المؤمنين ثم عقبته بكلام آخر في صفة أضدادهم كان مثل تلك الآي المتلوة قلت قد مر لي ان الكلام المبتدأ عقيب المتقين سبيله الاستئناف وانه مبني على تقدير سؤال فذلك إدراج له في حكم المتقين وتابع له في المعنى وإن كان مبتدأ في اللفظ فهو في الحقيقة كالجاري عليه