وعدكم ربكم، كما قيل : ما وعدنا ربنا ؟ قلت : حذف ذلك تخفيفاً لدلالة وعدنا عليه. ولقائل أن يقول : أطلق ليتناول كل ما وعد الله من البعث والحساب والثواب والعقاب وسائر أحوال القيامة ؛ لأنهم كانوا مكذبين بذلك أجمع، ولأن الموعود كله مما ساءهم وما نعيم أهل الجنة إلاّ عذاب لهم فأطلق لذلك.
! ٧ < ﴿ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الاٌّ عْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ٤٦ ) وبينهما حجاب وعلى..... > >
﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ﴾ يعني بين الجنة والنار. أو بين الفريقين، وهو السور المذكور في قوله تعالى :﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ ﴾ ( الحديد : ١٣ ) ﴿ وَعَلَى الاْعْرَافِ ﴾ وعلى أعراف الحجاب وهو السور المضروب بين الجنة والنار وهي أعاليه، جمع عرف استعير من عرف الفرس وعرف الديك ﴿ رِجَالٌ ﴾ من المسلمين من آخرهم دخولاً في الجنة لقصور أعمالهم، كأنهم المرجون لأمر الله، يحبسون بين الجنة والنار إلى أن يأذن الله لهم في دخول الجنة ﴿ يَعْرِفُونَ كُلاًّ ﴾ من زمر السعداء والأشقياء ﴿ بِسِيمَاهُمْ ﴾ بعلامتهم التي أعلمهم الله تعالى بها، يلهمهم الله ذلك : أو تعرّفهم الملائكة.
! ٧ < ﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى أَصْحَابُ الاٌّ عْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ * أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ٤٧ ) وإذا صرفت أبصارهم..... > >
إذا نظروا إلى أصحاب الجنة نادوهم بالتسليم عليهم ﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ ﴾ ورأوا ما هم فيه من العذاب استعاذوا بالله وفزعوا إلى رحمته أن لا يجعلهم معهم. ونادوا رجالاً من رؤوس الكفرة يقولون لهم :﴿ أَهَاؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ﴾ إشارة لهم إلى أهل الجنة، الذين كان الرؤساء يستهينون بهم ويحتقرونهم لفقرهم وقلة حظوظهم من الدنيا، وكانوا يقسمون أن الله لا يدخلهم الجنة ﴿ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ ﴾ يقال لأصحاب الأعراف ادخلوا الجنة وذلك بعد أن يحبسوا على الأعراف وينظروا إلى الفريقين ويعرفونهم بسيماهم ويقولوا ما يقولون. وفائدة ذلك بيان أن الجزاء على قدر الأعمال، وأن التقدم والتأخر على حسبها، وأن أحداً لا يسبق عند الله إلا بسبقه في العمل، ولا يتخلف عنده إلا بتخلفه فيه، وليرغب السامعون في حال السابقين ويحرصوا على إحراز قصبتهم، وليتصوروا أن كل أحد يعرف ذلك اليوم بسيماه التي استوجب أن يوسم بها من أهل الخير والشرّ، فيرتدع المسيء عن إساءته، ويزيد المحسن في إحسانه. وليعلم أنّ العصاة يوبخهم كل أحد

__________


الصفحة التالية
Icon