حتى أقصر الناس عملاً. قوله :﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ ﴾ فيه أن صارفاً يصرف أبصارهم لينظروا فيستعيذوا ويوبخوا وقرأ الأعمش :( وإذا قلبت أبصارهم ) وقرىء :( ادخلوا الجنة ) على البناء للمفعول. وقرأ عكرمة :( دخلوا الجنة )، فإن قلت : كيف لاءم هاتين القراءتين قوله :﴿ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ ؟ قلت : تأويله : ادخلوا، أو دخلوا الجنة مقولاً لهم : لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون. فإن قلت : ما محل قوله : لم يدخلوها وهم يطمعون ؟ قلت : لا محل له لأنه استئناف ؛ كأن سائلاً سأل عن حال أصحاب الأعراف فقيل : لم يدخلوها وهم يطمعون، يعني حالهم أنّ دخولهم الجنة استأخر عن دخول أهل الجنة، فلم يدخلوها لكونهم محبوسين وهم يطمعون لم ييأسوا. ويجوز أن يكون له محل، بأن يقع صفة لرجال ﴿ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ ﴾ المال أو كثرتكم واجتماعكم ﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ واستكباركم عن الحق وعلى الناس، وقرىء :( تستكثرون ) من الكثرة.
! ٧ < ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَاذَا وَمَا كَانُواْ بِأايَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ٥٠ ) ونادى أصحاب النار..... > >
﴿أَفِيضُواْ عَلَيْنَا ﴾ فيه دليل على أن الجنة فوق النار ﴿ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ﴾ من غيره من الأشربة لدخوله في حكم الإفاضة، ويجوز أن يراد : أو ألقوا علينا مما رزقكم الله من الطعام والفاكهة. كقوله :% ( عَلَفْتُهَا تِبْنَاً ومَاءً بَارِداً ;
وإنما يطلبون ذلك مع يأسهم من الإجابة إليه حيرة في أمرهم، كما يفعل المضطر الممتحن. ﴿ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ منعهم شراب الجنة وطعامها كما يمنع المكلف ما يحرّم عليه ويحذر، كقوله :% ( حَرَامٌ عَلَى عَيْنِيَّ أَنْ تَطْعَمَ الْكَرَى ;