﴿ الْقُرَى نَقُصُّ ﴾ خبر بعد خبر. فإن قلت : ما معنى :﴿ تِلْكَ الْقُرَى ﴾ حتى يكون كلاماً مفيداً ؟ قلت : هو مفيد، ولكن بشرط التقييد بالحال كما يفيد بشرط التقييد بالصفة في قولك : هو الرجل الكريم. فإن قلت : ما معنى الإخبار عن القرى بنقص عليك من أنبائها ؟ قلت : معناه : أن تلك القرى المذكورة نقص عليك بعض أنبائها ولها أنباء غيرها لم نقصها عليك ﴿ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ ﴾ عند مجيء الرسل بالبينات بما كذبوه من آيات الله من قبل مجيء الرسل أو فما كانوا ليؤمنوا إلى آخر أعمارهم بما كذبوا به أوّلاً حين جاءتهم الرسل، أي استمروا على التكذيب من لدن مجيء الرسل إليهم إلى أن ماتوا مصرين، لا يرعوون ولا تلين شكيمتهم في كفرهم وعنادهم مع تكرار المواعظ عليهم وتتابع الآيات. ومعنى اللام تأكيد النفي وأنّ الإيمان كان منافياً لحالهم في التصميم على الكفر. وعن مجاهد : هو كقوله :﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ ( الأنعام : ٢٨ ). ﴿ كَذَلِكَ ﴾ مثل ذلك الطبع الشديد نطبع على قلوب الكافرين.
! ٧ < ﴿ وَمَا وَجَدْنَا لاًّكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ﴾ > ٧ !
< < الأعراف :( ١٠٢ ) وما وجدنا لأكثرهم..... > > ﴿وَمَا وَجَدْنَا لاِكْثَرِهِم مّنْ عَهْدٍ ﴾ الضمير للناس على الإطلاق، أي وما وجدنا لأكثر الناس من عهد يعني أنّ أكثرهم نقض عهد الله وميثاقه في الإيمان والتقوى ﴿ وَإِن وَجَدْنَا ﴾ وإنّ الشأن والحديث وجدنا أكثرهم فاسقين، خارجين عن الطاعة مارقين. والآية اعتراض. ويجوز أن يرجع الضمير إلى الأمم المذكورين، وأنهم كانوا إذا عاهدوا الله في ضرّ ومخافة، لئن أنجيتنا لنؤمننّ، ثم نجّاهم نكثوا كما قال قوم فرعون لموسى عليه السلام :﴿ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ ﴾ إلى قوله :﴿ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ﴾ ( الأعراف : ١٣٥ ) والوجود بمعنى العلم من قولك : وجدت زيداً ذا الحفاظ، بدليل دخول ( إن ) المخففة واللام الفارقة. ولا يسوغ ذلك إلاّ في المبتدإ والخبر. والأفعال الداخلة عليهما.
! ٧ < ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِأايَاتِنَآ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلإِيِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ * وَقَالَ مُوسَى يافِرْعَوْنُ إِنَّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَ أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِىَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ١٠٣ ) ثم بعثنا من..... > >
﴿مّن بَعْدِهِمْ ﴾ الضمير للرسل في قوله :﴿ وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم ﴾ ( الأعراف : ١٠١ ) أو للأمم ﴿ فَظَلَمُواْ ﴾ فكفروا بآياتنا. أجرى الظلم مجرى الكفر لأنهما من وادٍ واحد ﴿ إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ ( لقمان : ١٣ ) أو فظلموا الناس بسببها حين أوعدوهم وصدّوهم عنها، وآذوا من آمن بها، ولأنه إذا وجب الإيمان بها فكفروا بدل الإيمان كان كفرهم بها ظلماً،

__________


الصفحة التالية
Icon