قلت : عنى ببني آدم : أسلاف اليهود الذين أشركوا بالله، حيث قالوا : عزير ابن الله. وبذرياتهم : الذين كانوا في عهد رسول الله ﷺ من أخلافهم المقتدين بآبائهم. والدليل على أنها من المشركين وأولادهم : قوله :﴿ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ ءابَاؤُنَا مِن قَبْلُ ﴾ والدليل على أنها في اليهود : الآيات التي عطفت عليها هي، والتي عطفت عليها وهي على نمطها وأسلوبها، وذلك قوله :﴿ وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ ﴾ ( الأعراف : ١٦٣ )، ﴿ إِذْ قَالَتِ * أُمَّةٌ مّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ ﴾ ( الأعراف : ١٦٤ )، ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ ﴾ ( الأعراف : ١٦٧ )، ﴿ وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ ﴾ ( الأعراف : ١٧١ ). ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِىءاتَيْنَاهُ ءايَاتِنَا ﴾ ( الأعراف : ١٧٥ ). ﴿ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ أي كانوا السبب في شركنا ؛ لتأسيسهم الشرك، وتقدّمهم فيه، وتركه سنة لنا ﴿ وَكَذالِكَ ﴾ ومثل ذلك التفصيل البليغ ﴿ نُفَصّلُ الآيَاتِ ﴾ لهم ﴿ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ وإرادة أن يرجعوا عن شركهم نفصلها. وقرىء :( ذريتهم ) على التوحيد. وأن يقولوا : بالياء.
! ٧ < ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِىءاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَاكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الاٌّ رْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذالِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِثَايَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ > ٧ { < الأعراف :( ١٧٥ - ١٧٦ ) واتل عليهم نبأ..... > >
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ ﴾ على اليهود ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِىءاتَيْنَاهُ ءايَاتِنَا ﴾ هو عالم من علماء بني إسرائيل. وقيل : من الكنعانيين، اسمه بلعم بن باعوراء أوتي علم بعض كتب الله ﴿ فَانْسَلَخَ مِنْهَا ﴾ من الآيات، بأن كفر بها ونبذها وراء ظهره ﴿ فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ ﴾ فلحقه الشيطان وأدركه وصار قريناً له. أو فأتبعه خطواته. وقرىء :( فاتبعه ) بمعنى فتبعه ﴿ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ فصار من الضالين الكافرين. روي أن قومه طلبوا إليه أن يدعو على موسى ومن معه فأبى وقال : كيف أدعو على من معه الملائكة، فألحوا عليه ولم يزالوا به حتى فعل ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ﴾ لعظمناه ورفعناه إلى منازل الأبرار من العلماء بتلك الآيات ﴿ وَلَاكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الاْرْضِ ﴾ مال إلى الدنيا ورغب فيها. وقيل : مال إلى السفالة. فإن قلت : كيف علق رفعه بمشيئة الله تعالى ولم يعلق بفعله الذي يستحق به الرفع قلت المعنى. ولو لزم العمل بالآيات ولم ينسلخ منها لرفعناه بها. وذلك أن مشيئة الله تعالى رفعه تابعة للزومه الآيات فذكرت المشيئة. والمراد : ما هي تابعة له ومسببة عنه كأنه قيل : ولو لزمها لرفعناه بها. ألا ترى إلى قوله :﴿ وَلَاكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الاْرْضِ ﴾ فاستدرك المشيئة بإخلاده الذي هو فعله، فوجب أن يكون ﴿ وَلَوْ شِئْنَا ﴾ في معنى ما هو فعله، ولو كان الكلام على ظاهره

__________


الصفحة التالية
Icon