الغزاة مثل حالهم في كراهة خروجك للحرب. والثاني : أن ينتصب على أنه صفة مصدر الفعل المقدّر في قوله :﴿ الانفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ ( الأنفال : ١ ) أي الأنفال استقرت لله والرسول، وثبتت مع كراهتهم ثباتاً مثل ثبات إخراخ ربك إياك من بيتك وهم كارهون. و ﴿ مِن بَيْتِكَ ﴾ يريد بيته بالمدينة، أو المدينة نفسها، لأنها مهاجره ومسكنه، فهي في اختصاصها به كاختصاص البيت بساكنه ﴿ بِالْحَقِّ ﴾ أي إخراجاً ملتبساً بالحكمة والصواب الذي لا محيد عنه ﴿ وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَِّرِهُونَ ﴾ في موضع الحال، أي أخرجك في حال كراهتهم، وذلك :
( ٤١٢ ) أن عير قريش أقبلت من الشأم فيها تجارة عظيمة معها أربعون راكباً، منهم أبو سفيان وعمرو بن العاص وعمرو بن هشام، فأخبر جبريل رسول الله ﷺ فأخبر المسلمين، فأعجبهم تلقي العير لكثرة الخير وقلة القوم، فلما خرجوا بلغ أهل مكة خبر خروجهم، فنادى أبو جهل فوق الكعبة : يا أهل مكة النجاء النجاء على كل صعب وذلول، عيركم أموالكم، إن أصابها محمد لن تفلحوا بعدها أبداً، وقد رأت أخت العباس بن عبد المطلب رؤيا فقالت لأخيها : إني رأيت عجباً رأيت كأنّ ملكاً نزل من السماء فأخذ صخرة من الجبل ثم حلق بها فلم يبق بيت من بيوت مكة إلا أصابه حجر من تلك الصخرة. فحدث بها العباس فقال أبو جهل : ما يرضى رجالهم أن يتنبئوا حتى تتنبأ نساؤهم، فخرج أبو جهل بجميع أهل مكة وهم النفير. في المثل السائر : لا في العير ولا في النفير، فقيل له : إنّ العير أخذت طريق الساحل ونجت، فارجع بالناس إلى مكة، فقال : لا والله لا يكون ذلك أبداً حتى ننحر الجزور، ونشرب الخمور، ونقيم القينات والمعازف ببدر، فيتسامع جميع العرب بمخرجنا، وإن محمداً لم يصب العير، وإنا قد أعضضناه، فمضى بهم إلى بدر وبدر ماء كانت العرب تجتمع فيه لسوقهم يوماً في السنة فنزل جبريل عليه السلام فقال : يا محمد ؛ إن الله وعدكم إحدى الطائفتين : إمّا العير، وإمّا قريشاً، فاستشار النبي ﷺ أصحابه وقال : ما تقولون ؛ إن القوم قد خرجوا من مكة على كل صعب وذلول،