موعد تلتقون فيه القتال، لخالف بعضكم بعضاً فثبطكم قلتكم وكثرتهم عن الوفاء بالموعد، وثبطهم ما في قلوبهم من تهيب رسول الله ﷺ والمسلمين، فلم يتفق لكم من التلاقي في ما وفقه الله وسبب له ﴿ لّيَقْضِيَ ﴾ متعلق بمحذوف، أي ليقضي أمراً كان واجباً أن يفعل، وهو نصر أوليائه وقهر أعدائه دبر ذلك. وقوله :﴿ لِيُهْلِكَ ﴾ بدل منه. واستعير الهلاك والحياة للكفر والإسلام، أي ليصدر كفر من كفر عن وضوح بينة، لا عن مخالجة شبهة، حتى لا تبقى له على الله حجة، ويصدر إسلام من أسلم أيضاً عن يقين وعلم بأنه دين الحق الذي يجب الدخول فيه والتمسك به وذلك أن ما كان من وقعة بدر من الآيات الغرّ المحجلة التي من كفر بعدها كان مكابراً لنفسه مغالطاً لها. وقرىء :( ليهلك ) بفتح اللام وحي، بإظهار التضعيف ﴿ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ ( الأنفال : ٤٢ ) يعلم كيف يدبر أموركم ويسوي مصالحكم. أو لسميع عليم بكفر من كفر وعقابه، وبإيمان من آمن وثوابه.
! ٧ < ﴿ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِى مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِى الاٌّ مْرِ وَلَاكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ > ٧ !
< < الأنفال :( ٤٣ ) إذ يريكهم الله..... > > ﴿ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ ﴾ نصبه بإضمار اذكر. أو هو بدل ثان من يوم الفرقان، أو متعلق بقوله ﴿ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ أي يعلم المصالح إذ يقللهم في عينك ﴿ فِى مَنَامِكَ ﴾ في رؤياك. وذلك أن الله عزّ وجل أراه في رؤياه قليلاً، فأخبر بذلك أصحابه فكان تثبيتاً لهم وتشجيعاً على عدوهم. وعن الحسن : في منامك في عينك، لأنها مكان النوم، كما قيل للقطيفة : المنامة، لأنه ينام فيها. وهذا تفسير فيه تعسف، وما أحسب الرواية صحيحة فيه عن الحسن، وما يلائم عليه بكلام العرب وفصاحته ﴿ لَّفَشِلْتُمْ ﴾ لجبنتم وهبتم الإقدام ﴿ وَلَتَنَازَعْتُمْ ﴾ في الرأي، وتفرقت فيما تصنعون كلمتكم، وترجحتم بين الثبات والفرار ﴿ وَلَاكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ﴾ أي عصم وأنعم بالسلامة من الفشل والتنازع والاختلاف ﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ يعلم ما سيكون فيها من الجراءة والجبن والصبر والجزع.
! ٧ < ﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِى أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِى أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِىَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ﴾ > ٧ { < الأنفال :( ٤٤ ) وإذ يريكموهم إذ..... > >
﴿ وَإِذَا * يُرِيكُمُوهُمْ ﴾ الضميران مفعولان. معنى : وإذ يبصركم إياهم. و ﴿ قَلِيلاً ﴾ نصب على الحال، وإنما قللهم في أعينهم تصديقاً لرؤية رسول الله ﷺ، وليعاينوا ما أخبرهم به فيزداد يقينهم ويجدّوا ويثبتوا. قال ابن مسعود رضي الله عنه : لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي : أتراهم سبعين ؟ قال : أراهم مائة، فأسرنا رجلاً منهم فقلنا له : كم كنتم ؟

__________


الصفحة التالية
Icon