عاماً، رجعوا فحرّموه في العام القابل، يروى : أنه حدث ذلك في كنانة لأنهم كانوا فقراء محاويج إلى الغارة، وكان جنادة بن عوف الكناني مطاعاً في الجاهلية، وكان يقوم على جمل في الموسم فيقول بأعلى صوته : إنّ آلهتكم قد أحلّت لكم المحرم فأحلوه، ثم يقوم في القابل فيقول : إنّ آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه. جعل النسىء زيادة في الكفر، لأن الكافر كلما أحدث معصية ازداد كفراً، ﴿ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ﴾ ( التوبة : ١٢٥ )، كما أن المؤمن إذا أحدث الطاعة ازداد إيماناً ﴿ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ ( التوبة : ١٢٤ ). وقرىء :( يُضِل ) على البناء للمفعول، و ( يَضَل ) بفتح الياء والضاد، و ﴿ يُضَلُّ ﴾ على أن الفعل لله عزّ وجلّ. وقرأ الزهري :( ليوطئوا ) بالتشديد. والنسىء مصدر نسأه إذا أخره. يقال نسأه ونسأ ونساى ونسيئاً، كقولك : مسه مساً ومساساً ومسيساً. وقرىء بهنّ جميعاً. وقرىء :( النَسَى ) بوزن الندى. و ( النِسي ) بوزن النهي، وهما تخفيف النسىء والنسء. فإن قلت : ما معنى قوله :﴿ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ ؟ قلت : معناه فيحلوا بمواطأة العدة وحدها من غير تخصيص ما حرّم الله من القتال، أو من ترك الاختصاص للأشهر بعينها ﴿ زُيّنَ لَهُمْ سُوء أَعْمَالِهِمْ ﴾ خذلهم الله فحسبوا أعمالهم القبيحة حسنة ﴿ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى ﴾ أي لا يلطف بهم بل يخذلهم. وقرىء :( زين لهم سوء أعمالهم ) على البناء للفاعل، وهو الله عزّ وجلّ.
! ٧ < ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الاٌّ رْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَواةِ الدُّنْيَا مِنَ الاٌّ خِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِى الاٌّ خِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ * إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ذالِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ > ٧ !
< < التوبة :( ٣٨ ) يا أيها الذين..... > > ﴿اثَّاقَلْتُمْ ﴾ تثاقلتم. وبه قرأ الأعمش، أي تباطأتم وتقاعستم. وضمن معنى الميل والإخلاد فعدي بإلى. والمعنى : ملتم إلى الدنيا وشهواتها وكرهتم مشاق السفر ومتاعبه، ونحوه :﴿ أَخْلَدَ إِلَى الاْرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ ( الأعراف : ١٧٦ ) وقيل : ملتم إلى الإقامة بأرضكم ودياركم. وقرىء :( أثاقلتم ) ؟ على الاستفهام الذي معناه الإنكار والتوبيخ. فإن قلت : فما العامل في ( إذا ) وحرف الاستفهام مانعة أن يعمل فيه ؟ قلت : ما دلّ عليه قوله :﴿ اثَّاقَلْتُمْ ﴾ أو ما في ﴿ مَالَكُمْ ﴾ من معنى الفعل، كأنه قيل : ما تصنعون إذا قيل لكم كما

__________


الصفحة التالية
Icon