على جهة واحدة ليفيض عليكم نعمته ويوسع رحمته ﴿ مِنْ * يَمْلِكُ السَّمْعَ والاْبْصَارَ ﴾ من يستطيع خلقهما وتسويتهما على الحدّ الذي سويا عليه من الفطرة العجيبة. أو من يحميهما ويحصنهما من الآفات مع كثرتها في المدد الطوال، وهما لطيفان يؤذيهما أدنى شيء بكلاءته وحفظه ﴿ وَمَن يُدَبّرُ الاْمْرَ ﴾ ومن يلي تدبير أمر العالم كله، جاء بالعموم بعد الخصوص ﴿ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ أفلا تقون أنفسكم ولا تحذرون عليها عقابه فيما أنتم بصدده من الضلال ﴿ فَذَلِكُمُ ﴾ إشارة إلى من هذه قدرته وأفعاله ﴿ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ﴾ الثابت ربوبيته ثباتاً لا ريب فيه لمن حقق النظر ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ﴾ يعني أن الحق والضلال لا واسطة بينهما، فمن تخطى الحق وقع في الضلال ﴿ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ عن الحق إلى الضلال، وعن التوحيد إلى الشرك، وعن السعادة إلى الشقاء ﴿ كَذَلِكَ ﴾ مثل ذلك الحق ﴿ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ ﴾ أي كما حق وثبت أنّ الحق بعده الضلال، أو كما حق أنهم مصروفون عن الحق، فكذلك حقّت كلمة ربك ﴿ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ ﴾ أي تمرّدوا في كفرهم وخرجوا إلى الحدّ الأقصى فيه، و ﴿ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ بدل من الكلمة أي حقّ عليهم انتفاء الإيمان، وعلم الله منهم ذلك. أو حق عليهم كلمة الله أنهم من أهل الخذلان، وأن إيمانهم غير كائن. أو أراد بالكلمة : العدة بالعذاب، وأنهم لا يؤمنون تعليل، بمعنى : لأنهم لا يؤمنون.
! ٧ < ﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ * قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِى لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ٣٤ ) قل هل من..... > > فإن قلت : كيف قيل لهم ﴿ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن * اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ وهم غير معترفين بالإعادة ؟ قلت : قد وضعت إعادة الخلق لظهور برهانها موضع ما إن دفعه دافع كان مكابراً ردّاً للظاهر البين الذي لا مدخل للشبهة فيه، دلالة على أنهم في إنكارهم لها منكرون أمراً مسلماً معترفاً بصحته عند العقلاء، وقال لنبيه ﷺ :﴿ قُلِ اللَّهُ * اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ فأمره بأن ينوب عنهم في الجواب، يعني أنه لا يدعهم لجاجهم ومكابرتهم أن ينطقوا بكلمة الحق فكلم عنهم. يقال : هداه للحق وإلى الحق فجمع بين اللغتين : ويقال : هدى بنفسه بمعنى اهتدى، كما يقال : شرى بمعنى اشترى. ومنه قوله :﴿ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى ﴾. وقرىء :( لا يهدّى ) بفتح الهاء وكسرها مع تشديد الدال. والأصل : يهتدي، فأدغم وفتحت الهاء بحركة التاء، أو كسرت لالتقاء الساكنين، وقد كسرت الياء لاتباع ما بعدها. وقرىء :( إلاّ أن يهدى ) من هداه وهدّاه للمبالغة. ومنه قولهم : تهدى. ومعناه أن الله وحده هو الذي

__________


الصفحة التالية
Icon