﴿ أَرَأَيْتُمْ ﴾ أخبروني. و ﴿ أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ ﴾ ( ما ) في موضع النصب، بأنزل، أو بأرأيتم، في معنى : أخبرونيه ﴿ فَجَعَلْتُمْ مّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً ﴾ أي أنزله الله رزقاً حلالاً كله فبعضتموه وقلتم : هذا حلال وهذا حرام، كقولهم :﴿ هَاذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ ﴾، ﴿ مَا فِى بُطُونِ هَاذِهِ الانْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْواجِنَا ﴾ ﴿ اللَّهِ * أَذِنَ لَكُمْ ﴾ متعلق بأرأيتم. وقل : تكرير للتوكيد. والمعنى : أخبروني آلله أذن لكم في التحليل والتحريم فأنتم تفعلون ذلك بإذنه، أم تتكذبون على الله في نسبة ذلك إليه. ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار، وأم منقطعة بمعنى : بل أتفترون على الله، تقريراً للافتراء. وكفى بهذه الآية زاجرة زجراً بليغاً عن التجوز فيما يسئل عنه من الأحكام. وباعثة على وجوب الاحتياط فيه، وأن لا يقول أحد في شيء جائز أو غير جائز إلاّ بعد إيقان وإتقان، ومن لم يوقن فليتق الله وليصمت، وإلاّ فهو مفتر على الله ﴿ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ﴾ منصوب بالظن، وهو ظنّ واقع فيه، يعني : أي شيء طنّ المفترين في ذلك اليوم ما يصنع بهم فيه وهو يوم الجزاء بالإحسان والإساءة، وهو وعيد عظيم حيث أبهم أمره. وقرأ عيسى بن عمر :( وما ظنّ ) على لفظ الفعل. ومعناه : وأي ظنّ ظنّوا يوم القيامة. وجيء به على لفظ الماضي لأنه كائن فكأن قد كان ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ﴾ حيث أنعم عليهم بالعقل ورحمهم بالوحي وتعليم الحلال والحرام ﴿ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ ﴾ هذه النعمة ولا يتبعون ما هدوا إليه.
! ٧ < ﴿وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْءَانٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الاٌّ رْضِ وَلاَ فِى السَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذالِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ٦١ ) وما تكون في..... > > ﴿ وَمَا يَكُونُ * فِى شَأْنٍ ﴾ ( ما ) نافية والخطاب لرسول الله ﷺ، والشأن : الأمر، وأصله الهمز بمعنى القصد، من شأنت شأنه إذا قصدت قصده. والضمير في ﴿ مِنْهُ ﴾ للشأن لأن تلاوة القرآن شأن من شأن رسول الله ﷺ، بل هو معظم شأنه، أو للتنزيل، كأنه قيل : وما تتلو من التنزيل من قرآن، لأنّ كلّ جزء منه قرآن، والإضمار قبل الذكر تفخيم له. أو لله عزّ وجلّ. وما ﴿ تَعْمَلُونَ ﴾ أنتم جميعاً ﴿ مِنْ عَمَلٍ ﴾ أيّ عمل كان ﴿ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا ﴾ شاهدين رقباء نحصي عليكم ﴿ إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾ من أفاض في الأمر إذا اندفع فيه ﴿ وَمَا يَعْزُبُ ﴾. قرىء بالضم والكسر ( وما يبعد وما يغيب )، ومنه : الروض العازب ﴿ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذالِكَ وَلا أَكْبَرَ ﴾ القراءة بالنصب والرفع، والوجه النصب على نفي الجنس، والرفع على الابتداء ليكون كلاماً برأسه، وفي العطف على محل ﴿ مِن مّثْقَالِ ذَرَّةٍ ﴾ أو على لفظ ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ ( النساء : ٤٠ ) فتحاً في موضع الجرّ لامتناع الصرف : إشكال، لأنّ قولك :( لا يعزب عنه شيء إلاّ في كتاب ) مشكل. فإن قلت : لم قدّمت الأرض على السماء، بخلاف قوله :

__________


الصفحة التالية
Icon