َّ الْعِزَّةَ للَّهِ } استئناف بمعنى التعليل، كأنه قيل : ما لي لا أحزن ؟ فقيل : إن العزّة لله جميعاً، أي إن الغلبة والقهر في ملكة الله جميعاً، لا يملك أحد شيئاً منها لا هم ولا غيرهم، فهو يغلبهم وينصرك عليهم ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى ﴾ ( المجادلة : ٢١ ). ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا ﴾ ( غافر : ٥١ ) وقرأ أبو حيوة ( أن العزة ) بالفتح بمعنى لأن العزة على صريح التعليل ومن جعله بدلاً من قولهم ثم أنكره، فالمنكر هو تخريجه، لا ما أنكر من القراءة به ﴿ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ يسمع ما يقولون. ويعلم ما يدبرون ويعزمون عليه. وهو مكافئهم بذلك.
! ٧ < ﴿ أَلا إِنَّ للَّهِ مَن فِى السَّمَاوَات وَمَنْ فِى الاٌّ رْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ٦٦ ) ألا إن لله..... > > ﴿ مَن فِى السَّمَاوات وَمَنْ فِى الاْرْضِ ﴾ يعني العقلاء المميزين وهم الملائكة والثقلان، وإنما خصّهم، ليؤذن أنّ هؤلاء إذا كانوا له وفي ملكته فهم عبيد كلهم، وهو سبحانه وتعالى : ربهم ولا يصلح أحد منهم للربوبية، ولا أن يكون شريكاً له فيها، ما وراءهم مما لا يعقل أحقّ أن لا يكون له ندّاً وشريكاً، وليدلّ على أن من اتّخذ غيره رباً من ملك أو إنسي فضلاً عن صنم أو غير ذلك، فهو مبطل تابع لما أدّى إليه التقليد وترك النظر. ومعنى : وما يتبعون شركاء، أي : وما يتبعون حقيقة الشركاء وإن كانوا يسمونها شركاء، لأنّ شركة الله في الربوبية محال ﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ﴾ ظنهم أنها شركاء ﴿ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ يحزرون ويقدرون أن تكون شركاء تقديراً باطلاً. ويجوز أن يكون ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ ﴾ في معنى الاستفهام، يعني : وأي شيء يتبعون. و ﴿ شُرَكَاء ﴾ على هذا نصب بيدعون، وعلى الأوّل بيتبع. وكان حقه. وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء، فاقتصر على أحدهما للدلالة. ويجوز أن تكون ( ما ) موصولة معطوفة على ( من ) كأنه قيل : ولله ما يتبعه الذين يدعون من دون الله شركاء، أي : وله شركاؤهم. وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه : تدعون، بالتاء، ووجهه أن يحمل ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ ﴾ على الاستفهام، أي : وأي شيء يتبع الذين تدعونهم شركاء من الملائكة والنبيين، يعني : أنهم يتبعون الله ويطيعونه، فما لكم لا تفعلون مثل فعلهم ؟ كقوله تعالى :﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ ﴾ ( الإسراء : ٥٧ ) ثم صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة فقال : إن يتبع هؤلاء المشركون إلاّ الظن، ولا يتبعون ما يتبع الملائكة والنبييون من الحق.
! ٧ < ﴿ هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ > ٧ !
< < يونس :( ٦٧ ) هو الذي جعل..... > > ثم نبه على عظيم قدرته ونعمته الشاملة لعباده التي يستحق بها أن يوحّدوه بالعبادة، بأنه جعل لهم الليل مظلماً ليسكنوا فيه مما يقاسون في نهارهم من تعب التردّد في المعاش،

__________


الصفحة التالية
Icon