الله بجبريل وبإجباره، ولو أن أوقح الزناة وأشطرهم وأحدهم حدقة وأصلحهم وجهاً لقي بأدنى ما لقي به نبي الله مما ذكروا، لما بقي له عرق ينبض ولا عضو يتحرّك. فيا له من مذهب ما أفحشه، ومن ضلال ما أبينه ﴿ كَذَالِكَ ﴾ الكاف منصوب المحل، أي مثل ذلك التثبيت ثبتناه. أو مرفوعه، أي الأمر مثل ذلك ﴿ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوء ﴾ من خيانة السيد ﴿ وَالْفَحْشَاء ﴾ من الزنا ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ الذين أخلصوا دينهم لله، وبالفتح الذين أخلصهم الله لطاعته بأن عصمهم. ويجوز أن يريد بالسوء. مقدّمات الفاحشة، من القبلة والنظر بشهوة، ونحو ذلك. وقوله :﴿ مّنْ عِبَادِنَا ﴾ معناه بعض عبادنا، أي : هو مخلص من جملة المخلصين. أو هو ناشىء منهم، لأنه من ذرية إبراهيم الذين قال فيهم ﴿ إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخَالِصَةٍ ﴾ ( ص : ٤٦ ).
! ٧ < ﴿ وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ هِىَ رَاوَدَتْنِى عَن نَّفْسِى وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَاذَا وَاسْتَغْفِرِى لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾ > ٧ !
< < يوسف :( ٢٥ - ٢٩ ) واستبقا الباب وقدت..... > > ﴿ وَاسُتَبَقَا الْبَابَ ﴾ وتسابقا إلى الباب على حذف الجارّ وإيصال الفعل، كقوله ﴿ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ ﴾ ( الأعراف : ١٥٥ ) أو على تضمين ( استبقا ) معنى ( ابتدرا ) نفر منها يوسف، فأسرع يريد الباب ليخرج وأسرعت وراءه لتمنعه الخروج. فإن قلت : كيف وجد الباب، وقد جمعه في قوله ﴿ وَغَلَّقَتِ الاْبْوَابَ ﴾ ؟ ( يوسف : ٢٣ ) قلت : أراد الباب البراني الذي هو المخرج من الدار والمخلص من العار، فقد روى كعب أنه لما هرب يوسف جعل فراش القفل يتناثر ويسقط حتى خرج من الأبواب ﴿ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ ﴾ اجتذبته من خلفه فانقد، أي انشق حين هرب منها إلى الباب وتبعته تمنعه ﴿ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا ﴾ وصادفا بعلها وهو قطفير، تقول المرأة لبعلها : سيدي. وقيل : إنما لم يقل سيدهما، لأنّ ملك يوسف لم يصح، فلم يكن سيداً له على الحقيقة. قيل : ألفياه مقبلاً يريد أن يدخل. وقيل جالساً مع ابن عمّ للمرأة. لما اطلع منها زوجها على تلك الهيئة المريبة وهي مغتاظة على يوسف إذ لم يؤاتها جاءت بحيلة جمعت فيها غرضيها : وهما تبرئة ساحتها عند زوجها من الريبة والغضب على يوسف، وتخويفه طمعاً في أن يؤاتيها خيفة منها ومن مكرها، وكرها لما أيست من مؤاتاته

__________


الصفحة التالية
Icon