جرحتها ﴿ * حاشا ﴾ كلمة تفيد معنى التنزيه في باب الاستثناء. تقول : أساء القوم حاشا زيد. قال :% ( حَاشَا أَبِي ثَوْبَانَ إنَّ بِه % ضَنًّا عَنِ المَلْحَاةِ وَالشَّتْمِ ) %
وهي حرف من حروف الجر، فوضعت موضع التنزيه والبراءة، فمعنى ( حاشا الله ) براءة الله وتنزيه الله، وهي قراءة ابن مسعود، على إضافة حاشا إلى الله إضافة البراءة. ومن قرأ : حاشا لله، فنحو قولك : سقيا لك ؛ كأنه قال : براءة، ثم قال : لله، لبيان من يبرأ وينزه. والدليل على تنزيل ( حاشا ) منزلة المصدر : قراءة أبي السمال :﴿ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ بالتنوين. وقراءة أبي عمرو ( ﴿ حَاشَ للَّهِ ﴾ ) بحذف الألف الآخرة. وقراءة الأعمش ( ﴿ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ ) بحذف الألف الأولى. وقرىء :( حاش لله ) بسكون الشين، على أن الفتحة تبعت الألف في الإسقاط، وهي ضعيفة لما فيها من التقاء الساكنين على غير حدّه. وقرىء :( حاشا الإله ). فإن قلت : فلم جاز في حاشا لله أن لا ينوّن بعد إجرائه مجرى : براءة لله ؟ قلت : مراعاة لأصله الذي هو الحرفية. ألا ترى إلى قولهم : جلست من عن يمينه، كيف تركوا ( عن ) غير معرب على أصله ؟ وعلى قوله ( غدت من عليه ) منقلب الألف إلى الياء مع الضمير ؟ والمعنى : تنزيه الله تعالى من صفات العجز، والتعجب من قدرته على خلق جميل مثله. وأما قوله :﴿ حَاشَ للَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوء ﴾ ( يوسف : ٥١ ) فالتعجب من قدرته على خلق عفيف مثله ﴿ مَا هَاذَا بَشَرًا ﴾ نفين عنه البشرية لغرابة جماله ومباعدة حسنه، لما عليه محاسن الصور، وأثبتن له الملكية وبتتن بها الحكم، وذلك لأن الله عز وجل ركز في الطباع أن لا