﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ من معنى الاستقرار. أو بيغفر. والمعنى : لا أثر بكم اليوم، وهو اليوم الذي هو مظنة التثريب، فما ظنكم بغيره من الأيام، ثم ابتدأ فقال ﴿ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ فدعا لهم بمغفرة ما فرط منهم. يقال : غفر الله لك، ويغفر الله لك، على لفظ الماضي والمضارع جميعاً، ومنه قول المشمت ( يهديكم الله ويصلح بالكم ) و ﴿ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ بشارة بعاجل غفران الله، لما تجدّد يومئذ من توبتهم وندمهم على خطيئتهم. وروي :
( ٥٥٨ ) أن رسول الله ﷺ أخذ بعضادتي باب الكعبة يوم الفتح، فقال لقريش : ما ترونني فاعلاً بكم ؟ قالوا : نظن خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم ؛ وقد قدرت فقال : أقول ما قال أخي يوسف : لا تثريب عليكم اليوم. وروي :
( ٥٥٩ ) أنّ أبا سفيان لما جاء ليسلم قال له العباس : إذا أتيت الرسول فاتل عليه ﴿ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ ﴾ ففعل، فقال رسول الله ﷺ : غفر الله لك ولمن علمك.
ويروى أن إخوته لما عرفوه وأرسلوا إليه : إنك تدعونا إلى طعامك بكرة وعشية، ونحن نستحي منك لما فرط منا فيك، فقال يوسف : إنّ أهل مصر وإن ملكت فيهم، فإنهم ينظرون إليّ بالعين الأولى ويقولون سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهماً ما بلغ، ولقد شرفت الآن بكم وعظمت في العيون حيث علم الناس أنكم إخوتي. وأني من حفدة إبراهيم ﴿ اذْهَبُواْ بِقَمِيصِى هَاذَا ﴾ قيل هو القميص المتوارث الذي كان في تعويذ يوسف وكان من الجنة، أمره جبريل عليه السلام أن يرسله إليه فإنّ فيه ريح الجنة، لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا عوفي ﴿ يَأْتِ بَصِيرًا ﴾ يصر بصيراً، كقولك : جاء البناء محكماً، بمعنى صار. ويشهد له ﴿ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ﴾ ( يوسف : ٩٦ ) أو يأت إليّ وهو بصير. وينصره قوله ﴿ وَأْتُونِى بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ أي يأتني أبي، ويأتني آله جميعاً وقيل : يهوذا هو الحامل، قال : أنا

__________


الصفحة التالية
Icon