واعلموا أنّ العبد لو أحسن الإحسان كله وكانت له دجاجة فأساء إليها لم يكن من المحسنين ﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ أي يخشون وعيده كله ﴿ وَيَخَافُونَ ﴾ خصوصاً ﴿ سُوء الحِسَابِ ﴾ فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا ﴿ صَبَرُواْ ﴾ مطلق فيما يصبر عليه من المصائب في النفوس والأموال ومشاق التكليف ﴿ ابْتِغَاء وَجْهِ ﴾ الله، لا ليقال : ما أصبره وأحمله للنوازل، وأوقره عند الزلازل، ولا لئلا يعاب بالجزع ولئلا يشمت به الأعداء كقوله :% ( وَتَجَلُّدِي لِلشّامِتِينَ أُرِيِهمُ % ولا لأنه لا طائل تحت الهلع ولا مردّ فيه للفائت، كقوله :% ( مَا أنْ جَزعْتُ وَلاَ هَلَعْ % تُ وَلاَ يَرُدُّ بُكاي زَنْدَا ) %
وكل عمل له وجوه يعمل عليها، فعلى المؤمن أن ينوي منها ما به كان حسناً عند الله، وإلا لم يستحق به ثواباً، وكان فعلا كلا فعل ﴿ مّمّا رَزَقْنَاهُمْ ﴾ من الحلال ؛ لأنّ الحرام لا يكون رزقاً ولا يسند إلى الله ﴿ سِرّا وَعَلاَنِيَةً ﴾ يتناول النوافل، لأنها في السر أفضل والفرائض، لوجوب المجاهرة بها نفياً للتهمة ﴿ وَيَدْرَءونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيّئَةَ ﴾ ويدفعونها عن ابن عباس : يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيء غيرهم. وعن الحسن : إذا حرموا أعطوا، وإذا ظلموا عفوا، وإذا قطعوا وصلوا. وعن ابن كيسان : إذا أذنبوا تابوا. وقيل : إذا رأوا منكراً أمروا بتغييره ﴿ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ عاقبة الدنيا وهي الجنة، لأنها التي أراد