% ( أُنَاسٌ اصَدُّوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ عَنْهُمُ ;
والهمزة فيه داخلة على صدّ صدوداً، لتنقله من غير التعدّي إلى التعدّي. وأما صدّه، فموضوع على التعدية كمنعه، وليست بفصيحة كأوقفه ؛ لأنّ الفصحاء استغنوا بصدّه ووقفه عن تكلف التعدية بالهمزة ﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ ويطلبون لسبيل الله زيغاً واعوجاجاً، وأن يدلوا الناس على أنها سبيل ناكبة عن الحق غير مستوية، والأصل : ويبغون لها، فحذف الجار وأوصل الفعل ﴿ فِى ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾ أي ضلوا عن طريق الحق، ووقفوا دونه بمراحل. فإن قلت : فما معنى وصف الضلال بالبعد. قلت : هو من الإسناد المجازي، والبعد في الحقيقة للضالّ ؛ لأنه هو الذي يتباعد عن الطريق، فوصف به فعله، كما تقول : جدّ جدّه، ويجوز أن يراد : في ضلال ذي بعد. أو فيه بعد : لأنّ الضالّ عن الطريق مكاناً قريباً وبعيداً.
! ٧ < ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ > ٧ !
< < إبراهيم :( ٤ ) وما أرسلنا من..... > > ﴿إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ ﴾ أي ليفقهوا عنه ما يدعوهم إليه، فلا يكون لهم حجة على الله ولا يقولوا : لم نفهم ما خوطبنا به، كما قال :﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْءاناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصّلَتْ ءايَاتُهُ ﴾ ( فصلت : ٤٤ ) فإن قلت : لم يبعث رسول الله ﷺ إلى العرب وحدهم، وإنما بعث إلى الناس جميعاً ﴿ قُلْ ياأَهْلَ * أَيُّهَا النَّاسُ * إِنّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ ( الأعراف : ١٥٨ ) بل إلى الثقلين، وهم على ألسنة مختلفة، فإن لم تكن للعرب حجة فلغيرهم الحجة وإن لم تكن لغيرهم حجة فلو نزل بالعجمية، لم تكن للعرب حجة أيضاً.

__________


الصفحة التالية
Icon