وإنما نكرت المضاف إليه في هذا التمثيل لتنكير أفئدة، لأنها في الآية نكرة ليتناول بعض الأفئدة. وقرىء :( آفدة )، بوزن عاقدة. وفيه وجهان، أحدهما : أن يكون من القلب كقولك : آدر، في أدؤر. والثاني : أن يكون اسم فاعلة من أفدت الرحلة إذا عجلت، أي جماعة أو جماعات يرتحلون إليهم ويعجلون نحوهم. وقرىء :( أفدة )، وفيه وجهان : أن تطرح الهمزة للتخفيف، وإن كان الوجه أن تخفف بإخراجها بين بين. وأن يكون من أفد ﴿ تَهْوِى إِلَيْهِمْ ﴾ تسرع إليهم وتطير نحوهم شوقاً ونزاعاً من قوله :% ( يَهْوِي مَخَارِمَهَا هُوِىَّ الأَجْدَلِ % وقرىء :( تُهْوَى إليهم )، على البناء للمفعول، من هوى إليه وأهواه غيره. وتهوى إليهم، من هوى يهوي إذا أحب، ضمن معنى تنزع فعدّى تعديته ﴿ وَارْزُقْهُمْ مّنَ الثَّمَراتِ ﴾ مع سكناهم وادياً ما فيه شيء منها، بأن تجلب إليهم من البلاد ﴿ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ النعمة في أن يرزقوا أنواع الثمرات حاضرة في واد يباب ليس فيه نجم ولا شجر ولا ماء لا جرم أن الله عز وجلّ أجاب دعوته فجعله حرماً آمناً تجبى إليه. ثمرات كل شيء رزقاً من لدنه، ثم فضله في وجود أصناف الثمار فيه على كل ريف وعلى أخصب البلاد وأكثرها ثماراً، وفي أي بلد من بلاد الشرق والغرب ترى الأعجوبة التي يريكها الله بواد غير ذي زرع، وهي اجتماع البواكير والفواكه المختلفة الأزمان من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد، وليس ذلك من آياته بعجيب، متعنا الله بسكنى حرمه، ووفقنا لشكر نعمه، وأدام لنا التشرف بالدخول تحت دعوة إبراهيم عليه السلام، ورزقنا طرفاً من سلامة ذلك القلب السليم. ) %
! ٧ < ﴿ رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِى وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِن شَىْءٍ فَى الاٌّ رْضِ وَلاَ فِى السَّمَآءِ * الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى وَهَبَ لِى عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّى لَسَمِيعُ الدُّعَآءِ ﴾ > ٧ !
< < إبراهيم :( ٣٨ ) ربنا إنك تعلم..... > > النداء المكرر دليل التضرع واللجأ إلى الله تعالى ﴿ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِى وَمَا نُعْلِنُ ﴾ تعلم السرَّ كما تعلم العلن علماً لا تفاوت فيه، لأنّ غيباً من الغيوب لا يحتجب عنك. والمعنى : أنك أعلم بأحوالنا وما يصلحنا وما يفسدنا منا، وأنت أرحم بنا وأنصح لنا منا بأنفسنا ولها، فلا حاجة إلى الدعاء والطلب، وإنما ندعوك إظهاراً للعبودية لك، وتخشعاً لعظمتك،

__________


الصفحة التالية
Icon