﴿ مَن كَفَرَ ﴾ بدل من الذين لا يؤمنون بآيات الله، على أن يجعل ﴿ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ ( النحل : ١٠٥ ) اعتراضاً بين البدل والمبدل منه. والمعنى : إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه واستثنى منهم المكره فلم يدخل تحت حكم الافتراء، ثم قال :﴿ وَلَاكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ﴾ أي طاب به نفساً واعتقده ﴿ فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مّنَ اللَّهِ ﴾ ويجوز أن يكون بدلاً من المبتدأ الذي هو ﴿ أُوْلَائِكَ ﴾ على : ومن كفر بالله من بعد إيمانه الكاذبون. أو من الخبر الذي هو الكاذبون، على : وأولئك هم من كفر باللهمن بعد إيمانه. ويجوز أن ينتصب على الذمّ. وقد جوّزوا أن يكون ﴿ مَن كَفَرَ بِاللَّهِ ﴾ شرطاً مبتدأ، ويحذف جوابه ؛ لأن جواب ﴿ مَّن شَرَحَ ﴾ دال عليه، كأنه قيل : من كفر بالله فعليهم غضب، إلا من أكره، ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب، روي
( ٥٩٥ ) أنّ ناساً من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه، وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان، منهم عمار، وأبواه ياسر وسمية وصهيب، وبلال، وخباب، وسالم : عذبوا، فأمّا سمية فقد ربطت بين بعيرين ووجىء في قبلها بحربة، وقالوا : إنك أسلمت من أجل الرجال فقتلت، وقتل ياسر وهما أول قتيلين في الإسلام، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مُكرهاً. فقيل يا رسول الله، إن عماراً كفر، فقال :( كلا، إنّ عماراً مليء إيماناً من قرنه إلى قدمه، واختلط