وقرىء :( آمرنا ) من أمر وأمره غيره. ( وأمّرنا ) بمعنى أمرنا. أو من أمر إمارة، وأمره الله. أي : جعلناهم أمراء وسلطناهم ﴿كَمْ ﴾ مفعول ﴿ أَهْلَكْنَا ﴾ و ﴿ مّنَ الْقُرُونِ ﴾ بيان لكم وتمييز له، كما يميز العدد بالجنس. يعني عادا وثموداً وقرونا بين ذلك كثيراً. ونبه بقوله ﴿ وَكَفَى بِرَبّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَا بَصِيرًا ﴾ على أن الذنوب هي أسباب الهلكة لا غير، وأنه عالم بها ومعاقب عليها.
! ٧ < ﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الاٌّ خِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَائِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ﴾ > ٧ !
< < الإسراء :( ١٨ ) من كان يريد..... > > من كانت العاجلة همه ولم يرد غيرها كالكفرة وأكثر الفسقة، تفضلنا عليه من منافعها بما نشاء لمن نريد، فقيد الأمر تقييدين، أحدهما : تقييد المعجل بمشيئته. والثاني : تقييد المعجل له بإرادته، وهكذا الحال : ترى كثيراً من هؤلاء يتمنون ما يتمنون ولا يعطون إلا بعضاً منه وكثيراً منهم يتمنون ذلك البعض وقد حرموه، فاجتمع عليهم فقر الدنيا وفقر الآخرة، وأمّا المؤمن التقي فقد اختار مراده وهو غنى الآخرة، فما يبالي : أوتي حظاً من الدنيا أو لم يؤت فإن أوتي فيها وإلا فربما كان الفقر خيراً له وأعون على مراده. وقوله ﴿ لِمَن نُّرِيدُ ﴾ بدل من له، وهو بدل البعض من الكل : لأن الضمير يرجع إلى ( من ) وهو في معنى الكثرة. وقرىء :( يشاء ) وقيل : الضمير لله تعالى، فلا فرق إذاً بين القراءتين في المعنى ويجوز أن يكون للعبد، على أنّ للعبد ما يشاء من الدنيا. وأن ذلك لواحد من الدهماء يريد به الله ذلك. وقيل : هو من يريد الدنيا بعمل الآخرة، كالمنافق، والمرائي، والمهاجر للدنيا، والمجاهد للغنيمة والذكر، كما قال ﷺ.
( ٦٠٦ ) ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ﴿ مَّدْحُورًا ﴾ مطروداً من رحمة الله ﴿ سَعْيَهَا ﴾ حقها من السعي وكفاءها من الأعمال الصالحة. اشترط ثلاث شرائط

__________


الصفحة التالية
Icon