أحدهما، كقوله :﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ ( الرحمان : ٢٢ ) وقيل : أراد رسل الرسل من الجنّ إليهم، كقوله تعالى :﴿ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ﴾ ( الأحقاف : ٢٩ ) وعن الكلبي : كانت الرسل قبل أن يبعث محمد ﷺ يبعثون إلى الإنس، ورسول الله ﷺ بعث إلى الإنس والجنّ ﴿ قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا ﴾ حكاية لتصديقهم وإيجابهم قوله :﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ ﴾ لأن الهمزة الداخلة على نفي إتيان الرسل للإنكار، فكان تقريراً لهم. وقولهم :﴿ شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا ﴾ إقرار منهم بأن حجة الله لازمة لهم، وأنهم محجوجون بها. فإن قلت : ما لهم مقرّين في هذه الآية جاحدين في قوله :﴿ وَاللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ ( الأنعام : ٢٣ ) ؟ قلت : تتفاوت الأحوال والمواطن في ذلك اليوم المتطاول، فيقرّون في بعضها، ويجحدون في بعضها أو أريد شهادة أيديهم وأرجلهم وجلودهم حين يختم على أفواههم. فإن قلت : لم كرّر ذكر شهادتهم على أنفسهم ؟ قلت : الأولى حكاية لقولهم كيف يقولون ويعترفون ؟ والثانية : ذمّ لهم، وتخطئة لرأيهم، ووصف لقلة نظرهم لأنفسهم، وأنهم قوم غرتهم الحياة الدنيا واللذات الحاضرة، وكان عاقبة أمرهم أن اضطروا إلى الشهادة على أنفسهم بالكفر والاستسلام لربهم واستيجاب عذابه وإنما قال ذلك تحذيراً للسامعين من مثل حالهم.
! ٧ < ﴿ ذالِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ * وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ > ٧ { < الأنعام :( ١٣١ - ١٣٢ ) ذلك أن لم..... > >
﴿ ذالِكَ ﴾ إشارة إلى ما تقدم من بعثة الرسل إليهم وإنذارهم سوء العاقبة، وهو خبر مبتدإ محذوف : أي الأمر ذلك. و ﴿ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى ﴾ تعليل، أي الأمر ما قصصناه عليك لانتفاء كون ربك مهلك القرى بظلم، على أن ( أن ) هي التي تنصب الأفعال، ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة، على معنى : لأن الشأن والحديث لم يكن ربك مهلك القرى بظلم. ولك أن تجعله بدلاً من ذلك، كقوله :﴿ وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الاْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآْء مَقْطُوعٌ ﴾ ( الحجر : ٦٦ )، ﴿ بِظُلْمٍ ﴾ بسبب ظلم قدموا عليه. أو ظالماً، على أنه لو أهلكهم وهم غافلون ولم ينبهوا برسول وكتاب، لكان ظلماً، وهو متعال عن الظلم وعن كل قبيح ﴿ وَلِكُلٍّ ﴾ من المكلفين ﴿ دَرَجَاتٌ ﴾ منازل ﴿ مّمَّا عَمِلُواْ ﴾ من جزاء أعمالهم ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ بساه عنه يخفى عليه مقاديره وأحواله وما يستحق عليه من الأجر.
! ٧ < ﴿ وَرَبُّكَ الْغَنِىُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَآءُ كَمَآ أَنشَأَكُمْ مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ ءَاخَرِينَ * إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لأَتٍ وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ﴾ > ٧ { < الأنعام :( ١٣٣ - ١٣٤ ) وربك الغني ذو..... > >

__________


الصفحة التالية
Icon