غير ذكر المنذر به، كما ذكر المبشر به في قوله :﴿ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾ استغناء بتقدّم ذكره. والأجر الحسن : الجنة ﴿ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ﴾ أي بالولد أو باتخاذه، يعني أنّ قولهم هذا لم يصدر عن علم ولكن عن جهل مفرط وتقليد للآباء، وقد اشتملته آباؤهم من الشيطان وتسويله. فإن قلت : اتخاذ الله ولداً في نفسه محال، فكيف قيل : ما لهم به من علم ؟ قلت : معناه ما لهم به من علم ؛ لأنه ليس مما يعلم لاستحالته، وانتفاء العلم بالشيء إمّا للجهل بالطريق الموصل إليه، وإما لأنه في نفسه محال لا يستقيم تعلق العلم به. قرىء ( كبرت كلمة )، وكلمة : بالنصب على التمييز والرفع على الفاعلية، والنصب أقوى وأبلغ. وفيه معنى التعجب، كأنه قيل : ما أكبرها كلمة. و ﴿ تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾ صفة للكلمة تفيد استعظاماً لاجترائهم على النطق بها وإخراجها من أفواههم، فإن كثيراً مما يوسوسه الشيطان في قلوب الناس ويحدّثون به أنفسهم من المنكرات لا يتمالكون أن يتفوّهوا به ويطلقوا به ألسنتهم، بل يكظمون عليه تشوّرا من إظهاره، فكيف بمثل هذا المنكر ؟ وقرىء ( كبْرت ) بسكون الباء مع إشمام الضمة. فإن قلت : إلام يرجع الضمير في كبرت ؟ قلت : إلى قولهم ﴿ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴾ وسميت كلمة كما يسمون القصيدة بها.
! ٧ < ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىءَاثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَاذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ﴾ > ٧ !
< < الكهف :( ٦ ) فلعلك باخع نفسك..... > > شبهه وإياهم حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به وما تداخله من الوجد والأسف على توليهم، برجل فارقه أحبته وأعزته فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويبخع نفسه وجداً عليهم وتلهفاً على فراقهم. وقرىء ( باخع نفسك )، على الأصل، وعلى الإضافة : أي قاتلها ومهلكها، وهو للاستقبال فيمن قرأ ( إن لم يؤمنوا ) وللمضي فيمن قرأ ( أن لم يؤمنوا ) بمعنى : لأن لم يؤمنوا ﴿ بِهَاذَا الْحَدِيثِ ﴾ بالقرآن ﴿ أَسَفاً ﴾ مفعول له، أي : لفرط الحزن. ويجوز أن يكون حالا والأسف : المبالغة في الحزن والغضب. يقال : رجل أسف وأسيف.
! ٧ < { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الاٌّ رْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً * أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ ءَايَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى

__________


الصفحة التالية
Icon