من مبتدأ وخبر واقعة صفة لثلاثة، وكذلك ﴿ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾، ﴿ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾. فإن قلت : فما هذه الواو الداخلة على الجملة الثالثة، ولم دخلت عليها دون الأوّلين ؟ قلت : هي الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة للنكرة، كما تدخل على الواقعة حالاً عن المعرفة في نحو قولك : جاءني رجل ومعه آخر. ومررت بزيد وفي يده سيف. ومنه قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ ﴾ ( الحجر : ٤ ) وفائدتها تأكيد لصوق الصفة بالموصوف، والدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر، وهذه الواو هي التي آذنت بأن الذين قالوا : سبعة وثامنهم كلبهم، قالوه عن ثبات علم وطمأنينة نفس ولم يرجموا بالظن كما غيرهم. والدليل عليه أنّ الله سبحانه أتبع القولين الأولين قوله ﴿ رَجْماً بِالْغَيْبِ ﴾ وأتبع القول الثالث قوله ﴿ مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾ وقال ابن عباس رضي الله عنه : حين وقعت الواو انقطعت العدّة، أي : لم يبق بعدها عدّة عادّ يلتفت إليها. وثبت أنهم سبعة وثامنهم كلبهم على القطع والبتات. وقيل : إلا قليل من أهل الكتاب. والضمير في ﴿ سَيَقُولُونَ ﴾ على هذا لأهل الكتاب خاصة، أي : سيقول أهل الكتاب فيهم كذا وكذا، ولا علم بذلك إلا في قليل منهم، وأكثرهم على ظنّ وتخمين ﴿ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ ﴾ فلا تجادل أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف إلا جدالاً ظاهراً غير متعمق فيه، وهو أن تقص عليهم ما أوحى الله إليك فحسب، ولا تزيد، من غير تجهيل لهم ولا تعنيف بهم في الردّ عليهم، كما قال ﴿ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ﴾ ( النحل : ١٢٥ ). ﴿ وَلاَ تَسْتَفْتِ ﴾ ولا تسأل أحداً منهم عن قصتهم سؤال متعنت له، حتى يقول شيئاً فتردّه عليه وتزيف ما عنده ؛ لأن ذلك خلاف ما وصيت به من المداراة والمجاملة، ولا سؤال مسترشد ؛ لأن الله قد أرشدك بأن أوحى إليك قصتهم.

__________


الصفحة التالية
Icon