وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ ألا ترى كيف رجع المعنى إلى قولك : ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم ؟ ونحوه قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوالَهُمْ إِلَى أَمْوالِكُمْ ﴾ ( النساء : ٢ ) أي ولا تضموها إليها أكلين لها. وقرىء ( ولا تعد عينيك، ولا تعدّ عينيك ) من أعداه نقلا بالهمزة وتثقيل الحشو. ومنه قوله :% ( فَعُدْ عَمَّا تَرَى إذْ لاَ ارْتِجَاعَ لَهُ ;
لأن معناه : فعد همك عما ترى. نهى رسول الله ﷺ أن يزدرى بفقراء المؤمنين، وأن تنبو عينه عن رثاثة زيهم طموحاً إلى زيّ الأغنياء وحسن شارتهم ﴿ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ﴾ في موضع الحال ﴿ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ ﴾ من جعلنا قلبه غافلاً عن الذكر بالخذلان. أو وجدناه غافلاً عنه، كقولك : أجبنته وأفحمته وأبخلته، إذا وجدته كذلك. أو من أغفل إبله إذا تركها بغير سمة، أي : لم نسمه بالذكر ولم نجعلهم من الذين كتبنا في قلوبهم الإيمان وقد أبطل الله توهم المجبرة بقوله ﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ وقرىء ( أغفلنا قلبه ) بإسناد الفعل إلى القلب على معنى : حسبنا قلبه غافلين، من أغفلته إذا وجدته غافلاً ﴿ فُرُطًا ﴾ متقدّما