تعالى. وعن عروة بن الزبير أنه كان يثلم حائطه أيام الرطب، فيدخل من شاء. وكان إذا دخله ردّد هذه الآية حتى يخرج. من قرأ ﴿ أَقُلْ ﴾ بالنصب فقد جعل أنا فصلاً، ومن رفع جعله مبتدأ وأقلّ خبره، والجملة مفعولاً ثانياً لترني. وفي قوله ﴿ وَوَلَدًا ﴾ نصرة لمن فسر النفر والأولاد في قوله ﴿ وَأَعَزُّ نَفَراً ﴾ ( الكهف : ٣٤ ) والمعنى إن ترني أفقر منك فأنا أتوقع من صنع الله أن يقلب ما بي وما بك من الفقر والغنى، فيرزقني لإيماني جنة ﴿ خَيْرًا مّن جَنَّتِكَ ﴾ ويسلبك لكفرك نعمته ويخرّب بستانك. والحسبان : مصدر كالغفران والبطلان، بمعنى الحساب، أي : مقداراً قدره الله وحسبه، وهو الحكم بتخريبها وقال الزجاج : عذاب حسبان، وذلك الحسبان حساب ما كسبت يداك. وقيل حسباناً مرامي الواحدة حسبانة وهي الصواعق ﴿ صَعِيدًا زَلَقًا ﴾ أرضاً بيضاء يزلق عليها لملاستها زلقاً. و ﴿ غَوْرًا ﴾ كلاهما وصف بالمصدر.
! ٧ < ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يالَيْتَنِى لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّى أَحَدًا * وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً ﴾ > ٧ !
< < الكهف :( ٤٢ ) وأحيط بثمره فأصبح..... > > ﴿وَأُحِيطَ ﴾ به عبارة عن إهلاكه. وأصله من أحاط به العدوّ ؛ لأنه إذا أحاط به فقد ملكه واستولى عليه، ثم استعمل في كل إهلاك. ومنه قوله تعالى ﴿ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ﴾ ومثله قولهم : أتى عليه، إذا أهلكه، من أتى عليهم العدوّ : إذا جاءهم مستعلياً عليهم. وتقليب الكفين : كناية عن الندم والتحسر، لأنّ النادم يقلب كفيه ظهراً لبطن، كما كنى عن ذلك بعض الكف والسقوط في اليد، ولأنه في معنى الندم عدّى تعديته بعلى، كأنه قيل : فأصبح يندم ﴿ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا ﴾ أي أنفق في عمارتها ﴿ وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾ يعني أنّ كرومها المعرشة سقطت عروشها على الأرض، وسقطت فوقها الكروم. قيل : أرسل الله عليها ناراً فأكلتها ﴿ ياوَيْلَتَا لَيْتَنِى ﴾ تذكر موعظة أخيه فعلم أنه أتى من جهة شركه وطغيانه، فتمنى لو لم يكن مشركاً حتى لا يهلك الله بستانه. ويجوز أن يكون توبة من الشرك، وندماً على ما كان منه، ودخولاً في الإيمان. وقرىء :( ولم يكن ) بالياء والتاء، وحمل ﴿ يَنصُرُونَهُ ﴾ على المعنى دون اللفظ، كقوله ﴿ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ ﴾ ( آل عمران : ١٣ ). فإن قلت : ما معنى قوله :﴿ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ ؟ قلت : معناه يقدرون على نصرته من دون الله، أي : هو وحده القادر على نصرته لا يقدر أحد غيره أن ينصره إلا أنه لم ينصره لصارف وهو استيجابه أن يخذل ﴿ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً ﴾ وما كان ممتنعاً بقوّته عن انتقام الله.
! ٧ < ﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ > ٧ !
< < الكهف :( ٤٤ ) هنالك الولاية لله..... > > ﴿ الْوَلَايَةُ ﴾ بالفتح النصرة والتولي، وبالكسر السلطان والملك، وقد قرىء بهما. والمعنى هنالك، أي : في ذلك المقام وتلك الحال النصرة لله وحده، لا يملكها غيره، ولا يستطيعها أحد سواه، تقريراً لقوله :﴿ وَلَم يَكُنْ لَّهُ * فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ ( الكهف : ٤٣ )

__________


الصفحة التالية
Icon