ثاني مفعولي اتخذ، مثل ﴿ سَرَباً ﴾ يعني : واتخذ سبيله سبيلاً عجباً، وهو كونه شبيه السرب. أو قال : عجباً في آخر كلامه، تعجباً من حاله في رؤية تلك العجيبة ونسيانه لها أو مما رأى من المعجزتين، وقوله :﴿ وَمَا * أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ﴾ اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه وقيل : إن ﴿ عَجَبًا ﴾ حكاية لتعجب موسى عليه السلام، وليس بذاك ﴿ ذالِكَ ﴾ إشارة إلى اتخاذه سبيلاً، أي : ذلك الذي كنا نطلب، لأنه أمارة الظفر بالطلبة من لقاء الخضر عليه السلام. وقرىء :( نبغ ) لغير ياء في الوصل، وإثباتها أحسن، وهي قراءة أبي عمرو، وأمّا الوقف، فالأكثر فيه طرح الياء اتباعاً لخط المصحف ﴿ فَارْتَدَّا ﴾ فرجعا في أدراجهما ﴿ قَصَصًا ﴾ يقصان قصصاً، أي : يتبعان آثارهما اتباعاً. أو فارتدّا مقتصين ﴿ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا ﴾ هي الوحي والنبوة ﴿ مّن لَّدُنَّا ﴾ مما يختص بنا من العلم، وهو الإخبار عن الغيوب.
! ٧ < ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ﴾ > ٧ !
< < الكهف :( ٦٦ ) قال له موسى..... > > ﴿رَشَدًا ﴾ قرىء :( بفتحتين ) و ( بضمة وسكون ) أي : علما ذا رشد، أرشد به في ديني. فإن قلت : أما دلت حاجته إلى التعلم من آخر في عهده أنه كما قيل موسى بن ميشا، لا موسى بن عمران لأنّ النبي يجب أن يكون أعلم أهل زمانه وإمامهم المرجوع إليه في أبواب الدين ؟ قلت : لا غضاضة بالنبي في أخذ العلم من نبيّ مثله : وإنما بغض منه أن يأخذه ممن دونه. وعن سعيد ابن جبير أنه قال لابن عباس : إن نوفا ابن امرأة كعب يزعم أنّ الخضر ليس بصاحب موسى، وأنّ موسى هو موسى بن ميشا، فقال : كذب عدوّ الله.
! ٧ < ﴿ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ﴾ > ٧ !
< < الكهف :( ٦٧ ) قال إنك لن..... > > نفي استطاعة الصبر على وجه التأكيد، كأنهما مما لا يصحّ ولا يستقيم، وعلل ذلك بأنه يتولى أموراً هي في ظاهرها مناكير. والرجل الصالح فكيف إذا كان نبياً لا يتمالك أن يشمئز ويمتعض ويجزع إذا رأى ذلك ويأخذ في الإنكار. و ﴿ خُبْراً ﴾ تمييز، أي :

__________


الصفحة التالية
Icon