القصم أفظع الكسر وهو الكسر الذي يبين تلاؤم الأجزاء، بخلاف الفصم. وأراد بالقرية : أهلها، ولذلك وصفها بالظلم، وقال :﴿ قَوْماً ءاخَرِينَ ﴾ لأن المعنى : أهلكنا قوماً وأنشأنا قوماً آخرين. وعن ابن عباس : أنها ( حضور ) وهي و ( سحول ) قريتان باليمن، تنسب إليهما الثياب. وفي الحديث.
( ٦٩٣ ) ( كُفنَ رسولُ الله ﷺ في ثوبَيْنِ سحوليَيْنِ ) وروي ( حضورَيْين ) بعث الله إليهم نبياً فقتلوه، فسلط الله عليهم بختنصر كما سلطه على أهل بيت المقدس فاستأصلهم. وروي : أنهم لما أخذتهم السيوف ونادى مناد من السماء يا لثارات الأنبياء ندموا واعترفوا بالخطأ. وذلك حين لم ينفعهم الندم. وظاهر الآية على الكثرة. ولعل ابن عباس ذكر ( حضور ) بأنها إحدى القرى التي أرادها الله بهذه الآية. فلما علموا شدّة عذابنا وبطشتنا علم حس ومشاهدة، لم يشكوا فيها، ركضوا من ديارهم، والركض : ضرب الدابة بالرجل. ومنه قوله تعالى :﴿ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ﴾ ( ص : ٤٢ ) فيجوز أن يركبوا دوابهم يركضونها هاربين منهزمين من قريتهم لما أدركتهم مقدمة العذاب. ويجوز أن يشبهوا في سرعة عدوهم على أرجلهم بالراكبين الراكضين لدوابهم، فقيل لهم، ﴿ لاَ تَرْكُضُواْ ﴾ والقول محذوف. فإن قلت : من القائل ؟ قلت يحتمل أن يكون بعض الملائكة أو من ثم من المؤمنين أو يجعلوا خلفاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يقل. أو يقوله رب العزة ويسمعه ملائكته لينفعهم في دينهم. أو يلهمهم ذلك فيحدثوا به نفوسهم ﴿ وَارْجِعُواْ إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ ﴾ من العيش الرافه والحال الناعمة. والإتراف : إبطار النعمة وهي الترفة ﴿ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴾ تهكم بهم وتوبيخ، أي : ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسئلون غداً عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة. أو ارجعوا واجلسوا كما كنتم في مجالسكم. وترتبوا في مراتبكم حتى يسألكم عبيدكم وحشمكم ومن تملكون أمره وينفذ فيه أمركم ونهيكم ويقول لكم : بم تأمرون ؟ وبماذا ترسمون ؟ وكيف نأتي ونذر كعادة المنعمين المخدَّمين أو يسألكم الناس في أنديتكم المعاون في

__________


الصفحة التالية
Icon