ثم أضرب عن ذلك بما في ( أم ) من معنى ( بل ) وقال :﴿ أَمْ لَهُمْ الِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ ﴾ من العذاب تتجاوز منعنا وحفظنا. ثم استأنف فبين أنّ ما ليس بقادر على نصر نفسه ومنعها ولا بمصحون من الله بالنصر والتأييد، كيف يمنع غيره وينصره ؟
! ٧ < ﴿ بَلْ مَتَّعْنَا هَاؤُلاءِ وَءَابَآءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِى الاٌّ رْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ > ٧ !
< < الأنبياء :( ٤٤ ) بل متعنا هؤلاء..... > > ثم قال : بل ما هم فيه من الحفظ والكلاءة إنما هو منا، لا من مانع يمنعهم من إهلاكنا، وما كلأناهم وآباءهم الماضين إلا تمتيعاً لهم بالحياة الدنيا وإمهالاً، كما متعنا غيرهم من الكفار وأمهلناهم ﴿ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ ﴾ الأمد، وأمتدت بهم أيام الروح والطمأنينة، فحسبوا أن لا يزالوا على ذلك لا يغلبون ولا ينزع عنهم ثوب أمنهم واستمتاعهم، وذلك طمع فارغ وأمد كاذب ﴿ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا ﴾ ننقص أرض الكفر ودار الحرب، ونحذف أطرافها بتسليط المسلمين عليها وإظهارهم على أهلها وردّها دار إسلام. فإن قلت : أي فائدة في قوله :﴿ نَأْتِى الاْرْضَ ﴾ ؟ قلت فيه تصوير ما كان الله يجريه على أيدي المسلمين، وأن عساكرهم وسراياهم كانت تغزو أرض المشركين وتأتيها غالبة عليها، ناقصة من أطرافها.
! ٧ < ﴿ قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِالْوَحْىِ وَلاَ يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ * وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ ياويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ > ٧ !
< < الأنبياء :( ٤٥ - ٤٦ ) قل إنما أنذركم..... > > قرىء :﴿ وَلاَ يَسْمَعُ الصُّمُّ ﴾ ولا تسمع الصم، بالتاء والياء، أي : لا تسمع أنت الصم، ولا يسمع رسول الله ﷺ. ولا يسمع الصم، من أسمع. فإن قلت : الصم لا يسمعون دعاء المبشر كما لا يسمعون دعاء المنذر. فكيف قيل :﴿ إِذَا مَا يُنذَرُونَ ﴾ ؟ قلت : اللام في الصم إشارة إلى هؤلاء المنذرين، كائنة للعهد لا للجنس. والأصل : ولا يسمعون إذا ما ينذرون، فوضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على تصامهم وسدّهم أسماعهم إذا أنذروا. أي : هم على هذه الصفة من الجراءة والجسارة على التصامّ من آيات الأنذار ﴿ وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ ﴾ من هذا الذي ينذرون به أدنى شيء، لأذعنوا وذلوا، وأقروا بأنهم ظلموا أنفسهم حين تصاموا وأعرضوا. وفي المس والنفحة ثلاث مبالغات، لأنّ النفح في معنى القلة والنزارة. يقال : نفحته الدابة وهو رمح يسير، ونفحه بعطية :