وقرىء :( على صلاتهم ). فإن قلت : كيف كرّر ذكر الصلاة أوّلاً وآخراً ؟ قلت : هما ذكران مختلفان فليس بتكرير. وصفوا أَوّلاً بالخشوع في صلاتهم، وآخراً بالمحافظة عليها. وذلك أن لا يسهوا عنها، ويؤدّوها في أوقاتها، ويقيموا أركنها، ويوكلوا نفوسهم بالاهتمام بها وبما ينبغي أن تتمّ به أوصافها. وأيضاً فقد وحدت أولاً ليفاد الخشوع في جنس الصلاة أي صلاة كانت، وجمعت آخراً لتفاد المحافظة على أعدادها : وهي الصلوات الخمس، والوتر، والسنن المرتبة مع كل صلاة وصلاة الجمعة، والعيدين، والجنازة، والاستسقاء، والكسوف والخسوف، وصلاة الضحى، والتهجد وصلاة التسبيح، وصلاة الحاجة. وغيرها من النوافل.
! ٧ < ﴿ أُوْلَائِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ > ٧ !
< < المؤمنون :( ١٠ - ١١ ) أولئك هم الوارثون > > أي ﴿ أُوْلَائِكَ ﴾ الجامعون لهذه الأوصاف ﴿ هُمُ الْوارِثُونَ ﴾ الأحقاء بأن يسمّوا ورّاثاً دون من عداهم، ثم ترجم الوارثين بقوله :﴿ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ ﴾ فجاء بفخامة وجزالة لإرثهم لا تخفى على الناظر. ومعنى الإرث : ما مرّ في سورة مريم. أنث الفردوس على تأويل الجنة، وهو : البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر. روي أنّ الله عزّ وجلّ بنى جنة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وجعل خلالها المسك والأذفر. وفي رواية : ولبنة من مسك مذرّي وغرس فيها من جيد الفاكهة وجيد الريحان.
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ > ٧ !
< < المؤمنون :( ١٢ ) ولقد خلقنا الإنسان..... > > السلالة : الخلاصة ؛ لأنها تسلّ من بين الكدر، وفعالة، وبناء للقلة كالقلامة والقمامة. وعن الحسن : ماء بين ظهراني الطين. فإن قلت : ما الفرق بين من ومن ؟ قلت : الأوّل للابتداء، والثاني للبيان، كقوله :﴿ مِنَ الاْوْثَانِ ﴾ ( الحج : ٣٠ ). فإن قلت : ما معنى :﴿ جَعَلْنَا ﴾ الإنسان نطفة ؟ قلت : معناه أنه خلق جوهر الإنسان أوّلاً طيناً، ثم جعل جوهره بعذ ذلك نطفة. القرار : المستقرّ، والمراد الرحم. وصفت بالمكانة التي هي صفة المستقرّ فيها، كقولك. طريق سائر. أو بمكانتها في نفسها ؛ لأنها مكنت بحيث هي وأحرزت. قرىء :( عظماً فكسونا العظم ) و ( عظاماً فكسونا العظام ) و ( عظماً فكسونا العظم ) وضع الواحد مكان الجمع لزوال اللبس ؛ لأنّ الإنسان ذو عظام كثيرة ﴿ خَلْقاً ءاخَرَ ﴾ أي خلقاً مبايناً للخلق الأوّل مباينة ما أبعدها، حيث جعله حيواناً وكان جماداً، وناطقاً وكان أبكم، وسميعاً وكان أصمّ، وبصيراً وكان أكمه، وأودع باطنه وظاهره بل