الإضلال المجازي الذي أسنده الله تعالى إلى ذاته في قوله :﴿ يُضِلُّ مَن يَشَاء ﴾ ( الرعد : ٢٧ )، ( النحل : ٩٣ )، ( فاطر : ٨ ) ولو كان هو المضل على الحقيقة لكان الجواب العتيد أن يقولوا : بل أنت أضللتهم. والمعنى : أأنتم أوقعتموهم في الضلال عن طريق الحق ؟ أم هم ضلوا عنه بأنفسهم ؟ وضل : مطاوع ( أضله ) وكان القياس : ضلّ عن السبيل، إلاّ أنهم تركوا الجار كما تركوه في هذه الطريق. والأصل : إلى الطريق وللطريق. وقولهم : أضلَّ البعير، في معنى : جعله ضالاً، أي ضائعاً، لما كان أكثر ذلك بتفريط من صاحبه وقلة احتياط في حفظه، قيل : أضله، سواء كان منه فعل أو لم يكن ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾ تعجب منهم، قد تعجبوا مما قيل لهم لأنهم ملائكة وأنبياء معصومون، فما أبعدهم عن الإضلال الذي هو مختص بإبليس وحزبه. أو نطقوا بسبحانك ليدلوا على أنهم المسبحون المتقدّسون الموسومون بذلك. فكيف يليق بحالهم أن يضلوا عباده. أو قصدوا به تنزيهه عن الأنداد، وأن يكون له نبيّ أو ملك أو غيرهما ندّاً، ثم قالوا : ما كان يصحّ لنا ولا يستقيم ونحن معصومون أن نتولى أحداً دونك، فكيف يصحّ لنا أن نحمل غيرنا على أن يتولونا دونك. أو ما كان ينبغي لنا أن نكون أمثال الشياطين في توليهم الكفار كما تولاهم الكفار. قال الله تعالى :﴿ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ ﴾ ( النساء : ٧٦ ) يريد الكفرة وقال :﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ﴾ ( البقرة : ٢٥٧ ) وقرأ أبو جعفر المدني : نتخذ، على البناء للمفعول. وهذا الفعل أعني ( اتخذ ) يتعدى إلى مفعول واحد، كقولك : اتخذ ولياً وإلى مفعولين كقولك : اتخذ فلاناً ولياً. قال الله تعالى :﴿ أَمِ اتَّخَذُواْ الِهَةً مّنَ الاْرْضِ ﴾ ( الأنبياء : ١ ) وقال :﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً ﴾ ( النساء : ١٢٥ ) فالقراءة الأولى من المتعدي إلى واحد وهو ﴿ مِنْ أَوْلِيَاء ﴾ والأصل : أن نتخذ أولياء، فزيدت ﴿ مِن ﴾ لتأكيد معنى النفي، والثانية : من المتعدي إلى مفعولين. فالأول ما بني له الفعل. والثاني :﴿ مِنْ أَوْلِيَاء ﴾. ومن للتبعيض، أي : لا نتخذ بعض أولياء. وتنكير ﴿ أَوْلِيَاء ﴾ من حيث أنهم أولياء مخصوصون وهم الجنّ والأصنام والذكر : ذكر الله والإيمان به، أو القرآن والشرائع. والبور : الهلاك. يوصف به الواحد والجمع : ويجوز أن يكون جمع بائر، كعائذ وعوذ.
! ٧ < ﴿ فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً ﴾ > ٧ { < الفرقان :( ١٩ ) فقد كذبوكم بما..... > >

__________


الصفحة التالية
Icon