الرقيق، ثم تقول له : الرقيق جمال وليس بمال. فإن قلت :﴿ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ سؤال عن المعبود فحسب، فكان القياس أن يقولوا : أصناماً، كقوله تعالى :﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ ﴾ ( البقرة : ٢١٩ )، ﴿ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الْحَقَّ ﴾ ( سبأ : ٢٣ )، ﴿ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا ﴾ ( النحل : ٣٠ ). قلت : هؤلاء قد جاءوا بقصة أمرهم كاملة كالمبتهجين بها والمفتخرين، فاشتملت على جواب إبراهيم، وعلى ما قصدوه من إظهار ما في نفوسهم من الابتهاج والافتخار. ألا تراهم كيف عطفوا على قولهم نعبد ﴿ فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴾ ولم يقتصروا على زيادة نعبد وحده. ومثاله أن تقول لبعض الشطار : ما تلبس في بلادك ؟ فيقول : ألبس البرد الاْتحمى، فأجرّ ذيله بين جواري الحي. وإنما قالوا : نظل، لأنهم كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل.
! ٧ < ﴿ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ﴾ > ٧ !
< < الشعراء :( ٧٢ ) قال هل يسمعونكم..... > > لا بد في ﴿ يَسْمَعُونَكُمْ ﴾ من تقدير حذف المضاف، معناه : هل يسمعون دعاءكم. وقرأ قتادة :( يسمعونكم )، أي : هل يسمعونكم الجواب عن دعائكم ؟ وهل يقدرون على ذلك ؟ وجاء مضارعاً مع إيقاعه في إذ على حكاية الحال الماضية. ومعناه : استحضروا الأحوال الماضية التي كنتم تدعونها فيها، وقولوا هل سمعوا أو أسمعوا قط. وهذا أبلغ في التبكيت.
! ٧ < ﴿ قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَءَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُمُ الاٌّ قْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدِّينِ ﴾ > ٧ !
< < الشعراء :( ٧٤ ) قالوا بل وجدنا..... > > لما أجابوه بجواب المقلدين لآبائهم قال لهم : رقوا أمر تقليدكم هذا إلى أقصى غاياته وهي عبادة الأقدمين الأوّلين من آبائكم، فإن التقدّم والأوّلية لا يكون برهاناً على الصحة، والباطل لا ينقلب حقاً بالقدم، وما عبادة من عبد هذه الأصنام إلا عبادة أعداء له، ومعنى العداوة قوله تعالى :﴿ كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً ﴾ ( مريم : ٨٢ ) ولأنّ المغرى على عبادتها أعدى أعداء الإنسان وهو الشيطان، وإنما قال :﴿ عَدُوٌّ لِى ﴾ تصويراً للمسألة في نفسه، على معنى : أني فكرت في أمرى فرأيت عبادتي لها عبادة

__________


الصفحة التالية
Icon