خصوصاً في دار نبيّ من أنبياء الله، وليس بمنكر أن يفعل ذلك لاضطرار الفقر والفاقة طلباً للأجر. وقد روي ما يعضد كلا القولين : روي أنها لما قالت : ليجزيك، كره ذلك، ولما قدّم إليه الطعام امتنع وقال : إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بطلاع الأرض ذهباً، ولا نأخذ على المعروف ثمناً، حتى قال شعيب : هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا. وعن عطاء ابن السائب : رفع صوته بدعائه ليسمعهما، فلذلك قيل له : ليجزيك أجر ما سقيت، أي ؛ جزاء سقيك. والقصص : مصدر كالعلل، سمي به المقصوص. كبراهما : كانت تسمى صفراء، والصغرى : صفيراء. وصفراء : هي التي ذهبت به وطلبت إلى أبيها أن يستأجره، وهي التي تزوجها. وعن ابن عباس : أن شعيبا أحفظته الغيرة فقال : وما علمك بقوّته وأمانته ؟ فذكرت إقلال الحجر ونزع الدلو، وأنه صوّب رأسه حين بلغته رسالته وأمرها بالمشي خلفه. وقولها :﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَجَرْتَ الْقَوِىُّ الامِينُ ﴾ كلام حكيم جامع لا يزاد عليه، لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان ؛ أعني الكفاية والأمانة في القائم بأمرك فقد فرغ بالك وتم مرادك ؛ وقد استغنت بإرسال هذا الكلام الذي سياقه سياق المثل، والحكمة أن تقول استأجره لقوّته وأمانته. فإن قلت : كيف جعل خير من استأجرت اسماً لإنّ والقوي الأمين خبراً ؟ قلت : هو مثل قوله :% ( أَلاَ إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ حَيًّا وَهَالِكَا % لسِيرُ ثَقِيفٍ عِنْدَهُمْ فِي السَّلاَسِلِ ) %