واحِدَةً } ( الحاقة : ١٤ )، ﴿ وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالاْرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ ( الزمر : ٦٧ ) وما هي إلا تصويرات وتمثيلات لاقتداره، وأن كل مقدور وإن عظم وجل، فهو مستصغر إلى جنب قدرته.
! ٧ < ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُم فِى هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٤١ - ٤٢ ) وجعلناهم أئمة يدعون..... > > فإن قلت : ما معنى قوله :﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ﴾ ؟ قلت : معناه : ودعوناهم أئمة عاة إلى النار، وقلنا : إنهم أئمة دعاة إلى النار، كما يدعي خلفاء الحق أئمة دعاة إلى الجنة. وهو من قولك : جعله بخيلاً وفاسقاً، إذا دعاه وقال : إنه بخيل وفاسق. ويقول أهل اللغة في تفسير فسقه وبخله : جعله بخيلاً وفاسقاً. ومنه قوله تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ الْمَلَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثاً ﴾ ( الزخرف : ١٩ ) ومعنى دعوتهم إلى النار : دعوتهم إلى موجباتها من الكفر والمعاصي ﴿ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ ﴾ كما ينصر الأئمة الدعاة إلى الجنة. ويجوز : خذلناهم حتى كانوا أئمة الكفر. ومعنى الخذلان : منع الألطاف، وإنما يمنعها من علم أنها لا تنفع فيه، وهو المصمم على الكفر الذي لا تغني عنه الآيات والنذر، ومجراه مجرى الكناية ؛ لأنّ منع الألطاف يردف التصميم، والغرض بذكره : التصميم نفسه، فكأنه قيل : صمموا على الكفر حتى كانوا أئمة فيه دعاة إليه وإلى سوء عاقبته. فإن قلت : فأي فائدة في ترك المردوف إلى الرادفة ؟ قلت : ذكر الرادفة يدل على وجود المردوف فيعلم وجود المردوف مع الدليل الشاهد بوجوده، فيكون أقوى لإثباته من ذكره. ألا نرى أنك تقول : لولا أنه مصمم على الكفر مقطوع أمره مثبوت حكمه لما منعت منه الألطاف، فبذكر منع الألطاف يحصل العلم بوجود التصميم على الكفر وزيادة، وهو قيام الحجة على وجوده. وينصر هذا الوجه قوله :﴿ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ ﴾ كأنه قيل : وخذلناهم في الدنيا وهم يوم القيامة مخذولون، كما قال :﴿ وَأَتْبَعْنَاهُم فِى هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ﴾ أي طرداً وإبعاداً عن الرحمة

__________


الصفحة التالية
Icon