وقطعت معاذيرهم وسدّ طريق احتجاجهم ﴿ قَالُواْ لَوْلا أُوتِىَ مِثْلَ مَا أُوتِىَ مُوسَى ﴾ من الكتاب المنزل جملة واحدة، ومن قلب العصا حية وفلق البحر وغيرهما من الآيات ؛ فجاءوا بالاقتراحات المبنية على التعنت والعناد، كما قالوا : لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك، وما أشبه ذلك ﴿ أَوَ لَمْ * يَكْفُرُواْ ﴾ يعني أبناء جنسهم ومن مذهبهم مذهبهم وعنادهم عنادهم، وهم الكفرة في زمن موسى عليه السلام ﴿ بِمَا أُوتِىَ مُوسَى ﴾ وعن الحسن رحمه الله : قد كان العرب أصل في أيام موسى عليه السلام، فمعناه على هذا : أو لم يكفر آباؤهم ﴿ قَالُواْ ﴾ في موسى وهرون ﴿ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ﴾ أي تعاونا. وقرىء :( إظهاراً ) على الإدغام. وسحران. بمعنى : ذوا سحر. أو جعلوهما سحرين مبالغة في وصفهما بالسحر. أو أرادوا نوعان من السحر ﴿ بِكُلٍّ ﴾ بكل واحد منهما. فإن قلت : بم علقت قوله من قبل في هذا التفسير ؟ قلت : بأو لم يكفروا، ولي أن أعلقه بأوتي، فينقلب المعنى إلى أن أهل مكة الذين قالوا هذه المقالة كما كفروا بمحمد ﷺ وبالقرآن فقد كفروا بموسى عليه السلام وبالتوراة، وقالوا في موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام : ساحران تظاهرا. أو في الكتابين : سحران تظاهرا ؛ وذلك حين بعثوا الرهط إلى رؤساء اليهود بالمدينة يسألونهم عن محمد ﷺ، فأخبرهم أنه نعته وصفته، وأنه في كتابهم، فرجع الرهط إلى قريش فأخبروهم بقول اليهود، فقالوا عند ذلك : ساحران تظاهرا.
! ٧ < ﴿ قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٤٩ ) قل فأتوا بكتاب..... > > ﴿هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا ﴾ مما أنزل على موسى عليه السلام ومما أنزل عليّ. هذا الشرط من نحو ما ذكرت أنه شرط المدل بالأمر المتحقق لصحته ؛ لأنّ امتناع الإتيان بكتاب أهدى من الكتابين أمر معلوم متحقق لا مجال فيه للشكّ. ويجوز أن يقصد بحرف الشكّ : التهكم بهم.
! ٧ < ﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٥٠ ) فإن لم يستجيبوا..... > > فإن قلت : ما الفرق بين فعل الاستجابة في الآية، وبينه في قوله :% ( فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ ;
حيث عدّى بغير اللام ؟ قلت : هذا الفعل يتعدّى إلى الدعاء بنفسه وإلى الداعي

__________


الصفحة التالية
Icon