عن الظلم، حيث أخبر بأنه لا يهلكهم إلا إذا استحقوا الهلاك بظلمهم، ولا يهلكهم مع كونهم ظالمين إلا بعد تأكيد الحجة والإلزام ببعثة الرسل، ولا يجعل علمه بأحوالهم حجة عليهم، ونزه ذاته أن يهلكهم وهم غير ظالمين، كما قال تعالى :﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ ( هود : ١١٧ ) فنصّ في قوله :﴿ بِظُلْمٍ ﴾ أنه لو أهلكهم وهم مصلحون لكان ذلك ظلماً منه، وأنّ حاله في غناه وحكمته منافية للظلم، دلّ على ذلك بحرف النفي مع لامه، كما قال الله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ ( البقرة : ١٤٣ ).
! ٧ < ﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَىْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٦٠ ) وما أوتيتم من..... > > وأي شيء أصبتموه من أسباب الدنيا فما هو إلا تمتع وزينة أياماً قلائل، وهي مدة الحياة المتقضية ﴿ وَمَا عِندَ اللَّهِ ﴾ وهو ثوابه ﴿ خَيْرٌ ﴾ في نفسه من ذلك ﴿ وَأَبْقَى ﴾ لأنّ بقاءه دائم سرمد وقرىء :( يعقلون ) بالياء، وهو أبلغ في الموعظة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الله خلق الدنيا وجعل أهلها ثلاثة أصناف : المؤمن، والمنافق، والكافر ؛ فالمؤمن يتزوّد، والمنافق يتزين، والكافر يتمتع.
! ٧ < ﴿ أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٦١ ) أفمن وعدناه وعدا..... > > هذه الآية تقرير وإيضاح للتي قبلها. والوعد الحسن : الثواب ؛ لأنه منافع دائمة على وجه التعظيم والاستحقاق، وأي شيء أحسن منها، ولذلك سمى الله الجنة بالحسنى. و ﴿ لاَقِيهِ ﴾ كقوله تعالى :﴿ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ﴾، وعكسه ﴿ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً ﴾ ( مريم : ٥٩ ) ﴿ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ من الذين أحضروا النار. ونحوه :﴿ لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ ( الصافات : ٥٧ )، ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴾ ( الصافات : ١٢٧ ) قيل : نزلت في رسول الله ﷺ وأبي جهل. وقيل : في علي وحمزة وأبي جهل. وقيل : في عمار بن ياسر والوليد بن المغيرة. فإن قلت : فسر لي الفاءين وثم، وأخبرني عن مواقعها. قلت : قد ذكر في الآية التي قبلها متاع الحياة الدنيا وما عند الله وتفاوتهما، ثم عقبه بقوله :

__________


الصفحة التالية
Icon