% ( وَلَسْتُ بِمِفْرَاحٍ إذَا الدَّهْرُ سَرَّنِي % وذلك أنه لا يفرح بالدنيا إلا من رضي بها واطمأن. وأمّا من قلبه إلى الآخرة ويعلم أنه مفارق ما فيه عن قريب، لم تحدّثه نفسه بالفرح. وما أحسن ما قال القائل :% ( أَشَدُّ الغمِّ عِنْدِي فِي سُرُور % تَيَقَّنَ عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالاَ ) %
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا ءاتَاكَ اللَّهُ ﴾ من الغنى والثروة ﴿ الدَّارُ الاْخِرَةُ ﴾ بأن تفعل فيه أفعال الخير من أصناف الواجب والمندوب إليه، وتجعله زادك إلى الآخرة ﴿ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ ﴾ وهو أن تأخذ منه ما يكفيك ويصلحك ﴿ وَأَحْسَنُ ﴾ إلى عباد الله ﴿ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ أوأحسن بشكرك وطاعتك لله كما أحسن إليك. والفساد في الأرض : ما كان عليه من الظلم والبغي. وقيل إن القائل موسى عليه السلام. وقرىء :( واتبع ).
! ٧ < ﴿ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِى أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٧٨ ) قال إنما أوتيته..... > > ﴿عَلَى عِلْمٍ ﴾ أي على استحقاق واستيجاب لما فيّ من العلم الذي فضلت به الناس، وذلك أنه كان أعلم بني إسرائيل بالتوراة. وقيل : هو علم الكيمياء. عن سعيد بن المسيب : كان موسى عليه السلام يعلم علم الكيمياء، فأفاد يوشع بن نون ثلثه، وكالب بن يوفنا ثلثه، وقارون ثلثه، فخدعهما قارون حتى أضاف علمهما إلى علمه فكان يأخذ الرصاص والنحاس فيجعلهما ذهبا. وقيل : علم الله موسى علم الكيمياء، فعلمه موسى أخته، فعلمته أخته قارون. وقيل : هو بصره بأنواع التجارة والدهقنة وسائر المكاسب. وقيل :﴿ عِندِى ﴾ معناه : في ظني، كا تقول الأمر عندي كذا، كأنه قال : إنما أوتيته على علم، كقوله تعالى :﴿ ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ ﴾ ( الزمر : ٤٩ ) ثم زاد ﴿ عِندِى ﴾ أي هو في ظني ورأيي هكذا. يجوز أن يكون إثباتاً لعلمه بأنّ الله قد أهلك من القرون قبله من هو أقوى منه وأغنى، لأنه قد قرأه في التوراة، وأخبر به موسى، وسمعه من حفاظ التواريخ والأيام كأنه قيل :﴿ أَوَ لَمْ * يَعْلَمْ ﴾ في جملة ما عنده من العلم هذا، حتى لا يغتر بكثرة ماله وقوّته. ويجوز أن يكون نفياً لعلمه بذلك

__________


الصفحة التالية
Icon